-A +A
وفاء الرشيد
«إيش فيه!... يا ناس الدنيا مقلوبة؟...

خاشقجي! خاشقجي مختفي! خاشقجي مات!


الهجوم الإعلامي على البلاد! لا.. مؤامرة خارجية مؤقتة! (يبغو فلوس)

الكره الممنهج من ناس ظنناهم أصدقاء! لا.. مدفوع لهم يكرهونا!

التشفي من دول كنا لها عوناً طوال سنين! لا.. همَّا كذا يكرهوا كل الناس».

سيبكم من هذا كله، ما علينا...

لن أكتب لكم اليوم مقالي عن أي من هذا الحديث الذي يدور بالمجالس وعلى كل رصيف وناصية! فنحن تجرعنا السم من أعز الناس ومن أقربهم لنا، وتعلمنا الدروس تكراراً ومراراً، ولم تزدنا إلا قوة...

من الصعب أن يحبط شعب شاب مثل شعبنا من عدو كان أو صديق، فنحن شعب يصعب كسره، يصعب ثنيه، يصعب إحباطه... شعب مقدام مخلص وذو ولاء لأرضه وحكومته ما له مثيل بالمنطقة العربية... نحب الأمان ونقدر المعروف ونعرف تماماً ما هي حقوقنا وكيف نطلبها... بدون صراخ ولا عراك ولا غوغاء...

دعوهم سادتي يشتمون.. فإنهم مأمورون.

بالأمس كنت أتحدث مع صديقة لي عن قصة رجل غني ينتمي لعائلة كبيرة يساعد الكل طوال حياته، رجل بنى نفسه بنفسه وأسس إمبراطورية صعب تجاهلها، والمحزن أنه كلما اجتمع اثنان من عائلته لا حمداً ولا شكوراً... وعاش حياته وهم يكيدون له ويحتقرون أولاده الذين يتهمونهم بالدلال والكسل... كبر الأولاد وتعلموا واعتلوا أعلى المناصب خارج شركات والدهم فقالوا هي الواسطة التي تفتح لهم الأبواب، مع أن والدهم لم يتوسط لهم في يوم من الأيام... نجح الأولاد اجتماعياً، فقالوا طبعاً الناس تتجمل لهم حباً لمالهم وليس لأفعالهم... أصبحوا يجلسون في أهم الكراسي القيادية فقالوا طبعاً هو المال الذي (يشيل راعيه)... المهم، تدور الدنيا وتتقلب الأيام ويأتي واحد من الجيران بيته ملاصق لقصر الغني، ولكنه فقير جداً ولم يمل أولاده من رمي كور نار على قصر الغني الجار من وراء جداره المهترئ! قام الغني بتعلية السور، ومن ثم تعليته ثانيةً وظل لسنين يرمم ويرقع بهذا السور إلا أن الجار الفقير استمر بأذاه... طوال سنين استمر الجار البار بإرسال الأرزاق لأهل الفقير.. بمساعدته في بيته حيث وظف أبناء الفقير ليتعلموا ويتطببوا ويكبروا كجسد واحد تماماً مثل أبنائه... وبالرغم من هذا الخير كله استمرت كور النار من أبناء الفقير المتبطحين المخدرين بفعل ما يمضغون... حتى حرقت ذات يوم إحدى بنات الغني فثارت ثورة الأب وقرر صاحب القصر أن يهد السور قبل احتراق بيته من هذا التهور من أبناء جاره العاقين! فثارت عليه أغلب بيوت الحارة، كيف لك أن تهد جدار بيت الفقير أيها الغني؟ أيها المتكبر المتعجرف، وهو لا يملك ثمن قوت يومه؟ لم يفكروا بابنته المحروقة؟ ولا أمن بيته المهدد! وعندما انهد السور قام المتبطحون من الخوف على أرجلهم وتوقفت كور النار... ولم يفزع للغني إخوانه الذين تربوا في بيته...

فقط لأنك غني قوي مرزوق، تُخوَّن! فقط لأن الله أعزك، تتكالب عليك البشر! ومن أعز الناس عليك، فكل ذي نعمة محسود..

هكذا هي العائلة، سواء عائلة اجتماعية كانت أو سياسية، وهكذا هو الله يعز من يشاء ويذل من يشاء... الجميل في القصة أن المتبطحين الذين يلومون ويهمسون ويلمزون ومن ثم يحقدون على أولاد الغني انتهوا بأن يكونوا جزءاً من أسباب هذا النجاح... زاد حب وتقدير الناس لهم، ليس من مال أبيهم سادتي، بل من عملهم وجهدهم وتطوعهم دائماً لعمل الخير وخدمة الناس.

دارت الدنيا وبنى هؤلاء الأولاد لأولادهم دنيا جديدة، وعلموهم أحسن تعليم وعاشوا عيشة هنية محترمة بين من يحبون، وزادهم الله عزاً وزاد من فيه شر ذلاً... والمتبطحون بقوا متبطحين...

لكم أن تتخيلوا بمن تذكركم هذه العائلة؟ وأترك لكم الجواب...

* كاتبة سعودية

WwaaffaaA@