-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
على مدى أسابيع تتعرض المملكة لحملات عدائية مضللة قوامها الافتراءات ومقاصدها شريرة في محاولات يائسة للنيل من صورتها ومسيرتها وطموحاتها ودورها المحوري، الذي طالما حاولت قوى إقليمية منذ زمن التأثير عليه وعرقلته وتشويهه تحت شعارات خادعة خبيثة، تارة باسم القومية أو خداع ما يسمى الممانعة والمقاومة، وتلك الأطراف أبعد ما يكون عنها، بل لا يمانعون ولا يمنعون أنفسهم عن أي شيء فيه هدم لهذه الأمة وتقويض استقرار دولها بالفتن والإرهاب، وما أكثر القرائن في زمننا هذا من فوضى وأجندة إيرانية توسعية، ومال قطري داعم لها، وحاضنة تركية لمنظمات وجماعات إرهابية، ضمن مخطط إعادة تشكيل مستقبل المنطقة.

أقول ذلك لنضع الحقائق ناصعة وحتى يمكن فهم دهاليز وخبايا ونوايا الحملات المكشوفة، وفهم أساليب صانعيها ومروجيها لخداع الرأي العام إقليميا وعالميا، وهي بالفعل صناعة ماكرة تكرست مع ظهور قناة الجزيرة القطرية كمشروع إعلامي مسموم لتفجير المنطقة برعاية رسمية قطرية ورضى من دول وقوى خارجية، حقيقته (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس).


في أكثر من برنامج حرصت عمدا على مشاهدتها أو جزء منها لرصد طبيعة الحملات العدائية ضد المملكة، حيث يأتي السؤال ملغما بالأكاذيب لتأتي الإجابة ناضحة بأجندة القناة وعلى هوى مقدمي تلك البرامج من مرتزقة المال.

أولى الملاحظات أن الضيف عندما يصادف أن يتحدث بلغة إنجليزية وبشيء من الموضوعية تأتي الترجمة العربية مناقضة في بعض الكلمات والعبارات، وإسقاط ما يقوله الضيف إن كان منصفا للمملكة، وأحيانا يختفي صوت الضيف دون صورته، ليوغل المترجم في سمومه، وبهذا يتم توظيف استضافة بعض المحللين وتشويه حقيقة ما قاله، فيبدو الأمر للمشاهد حسب ما تريده القناة، وكثيرا ما يبادر المذيع بمقاطعة الضيف إن جاء رأيه على غير هواه، أما إذا كان من ناعقي الفتنة فله كل الوقت والتسخين والتضليل.

ومن أساليب التضليل وغسل الأدمغة الانتقائية الفجة وبتر العبارات والاقتباسات، والتلاعب بالمعلومات بحيث تعطي انطباعات وتفسيرات تخالف الحقيقة. ومن أساليب التضليل أيضا إهمال خلفية الأحداث، مما يجعلها ناقصة ومشوهة، ولا يستطيع المتلقي فهمها وتفسيرها، وذلك من خلال الخلط والتهويل.

الأمر الآخر الذي يستوجب التوقف عنده: إذا كان جهات تركية رسمية أو مجهلة تدعي أن لديها أدلة وتستغل حادثة الوفاة بقنصلية المملكة في إسطنبول، ويردد ذلك إعلام الحقد، فإن السؤال نحيله إلى أكثر من صحيفة أمريكية شهيرة منها «واشنطن بوست» الأكثر تعرضا للمملكة وأيضا ما جاء في «نيويورك تايمز» بتاريخ 6 يونيه الجاري، والتي قالت إن تركيا التي تدعي البطولة في قضية وفاة خاشقجي، هي نفسها تقذف بآلاف المعارضين والصحفيين والعسكريين في السجون، وإن التسريبات الملفقة ضد المملكة هي محاولة لتغطية الانتهاكات منذ محاولة الانقلاب في عام 2016، مشيرة إلى تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن تركيا تظل أسوأ سجان في العالم للعام الثاني على التوالي، وتساءلت الصحيفتان: إذا كانت تركيا تواصل تسريباتها وتستغل القضية ضد المملكة، فلماذا لاتطلق سراح القابعين دون محاكمات في سجونها.

السؤال: إذا كانت تركيا حريصة على علاقتها بالمملكة فما معنى تلك التسريبات المضللة؟ ألا يكشف ذلك سوء النوايا لتلويث الفضاء الإعلامي العالمي بأكاذيب تستهدف صورة المملكة، وأن تركيا والدول المارقة في ضوء تأزمها داخليا وخارجيا وبكل جرائمها في حق شعوبها والإنسانية، تبيع وتشتري من خلالها مواقف أوروبية وأمريكية وغيرها، ولعل كلمة الأمير تركي الفيصل تكشف حقيقة تلك الدول أمام شموخ المملكة، (بأن بيوتهم من زجاج، فلا يقذفوا غيرهم بالحجارة)، وها هي تلك الحملات الظالمة المضللة هي إلى زوال أمام وعي الرأي العام والدول المتعقلة التي تراجع حساباتها طبقا لفهم موضوعي لسير التحقيقات والحقائق كدول مسؤولة لاترهن مواقفها ومصالحها على تجار السياسة في المنطقة.

* كاتب سعودي