-A +A
خالد السليمان
شكل موت جمال خاشقجي رحمه الله صدمة عظيمة لكافة السعوديين، فلا أحد يستحق الموت بهذه الطريقة، ولا أحد يملك حق القتل مهما كانت مبرراته، فالقضاء وحده في جميع الشرائع هو الذي يقر أحكام الموت، بينما تحدد القوانين قواعد استخدام القوة القاتلة لرجال القانون في حالات الاشتباك والتعرض للخطر، وبالتالي فإن أي عملية قتل خارج إطارها القضائي والقانوني هي جريمة قتل تستحق المساءلة والعقاب!

لكن العدالة تحاسب القتلة ولا تأخذ بجريرة أفعالهم أشخاصا آخرين، وفي قضية خاشقجي، أراد البعض متعمدا أخذ دولة بأكملها بجريرة تصرف منعزل لأفراد تمردوا على القواعد التي تحدد صلاحيات وحدود عملهم، وحتى تنتهي التحقيقات ويقول القضاء كلمته ويحدد حدود مسؤولياتهم وأدوارهم ويصدر أحكامه النهائية، فإنهم غير مدانين حتى اللحظة!


الذين سارعوا لنصب المشانق ليس للاقتصاص لخاشقجي، وإنما للف حبل المشنقة حول عنق دولة بأكملها، لا يملكون أي أهلية أو مصداقية للعب أي دور في هذه القضية حتى كمتفرجين أو إعلاميين تخلوا عن مهنيتهم وأصدروا أحكاما مسبقة دون الاعتماد على مصادر رسمية أو انتظار صدور نتائج تحقيقات نهائية، فكانوا أشبه بدمى تحرك خيوطها أصابع لاعب خلف الكواليس لا يبحث عن العدالة بقدر ما يمارس الابتزاز، خاصة وأن أصابعه ليست طاهرة بل ملوثة بالدماء وتمسك بمفاتيح أبواب مئات الزنزانات التي يقبع خلفها عشرات الصحفيين ومئات بل آلاف المعارضين!

لقد أكدت المملكة أن العدالة ستأخذ مجراها ضد كائن من كان متورطا في قتل خاشقجي، وأكد أبناء الفقيد على أرض أمريكية وعبر شاشة أمريكية أنهم يثقون بتحقيقات سلطات بلادهم، وصدق وعد مليكهم بالاقتصاص لوالدهم، أما الشعب السعودي الذي أدرك أبعاد اللعبة التي اختبأت خلف قميص خاشقجي لتستهدف الدولة السعودية لا المذنبين، فهم العامل الأول في إحباط ما دبر ضد بلادهم!