-A +A
عبدالرحمن عمر التمبكتي
السعودية باقية وصامدة صمود الجبال الراسيات رغم كل تلك الهستيريا الصاخبة ورغم كل ذلك الضجيج والتجييش الإعلامي الآثم الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا، ضخ إعلامي وزعيق منقطع النظير واصطفاف دولي مشبوه وغير مسبوق لم يكن الهدف الأوحد منه وأد أحلام وطموحات أمير التغيير ومالئ الدنيا وشاغل الناس محمد بن سلمان، وإنما للانتقام أيضاً مما قامت به السعودية من قبل وتقوم به الآن من عرقلة لمشاريعهم الهدامة وبعثرتها لأجندات الفوضى والتخريب والتفتيت للعالمين العربي والإسلامي وكبحها لجماح التمدد الصفوي الفارسي نحو العواصم العربية ومكافحتها للقوارض الإخوانية التي نخرت في جسد الأمة وأنهكت البلاد وفرقت العباد.

نعم هي باقية وستبقى رغماً عن أنوف الأقزام في الدوحة وعن أنوف أعوانهم من المرتزقة والمتسولين في ساحات إسطنبول وبين ضواحي دمشق وبيروت وفي أطراف أزقة باريس وبرلين وفي كل مكان، وستبقى رغم أنف الغنوشي الذي بشّر -ضمنياً- غلمانه ومريديه من "الإخوان" التائهين في الأرض بأن حادثة خاشقجي ستكون قاصمة الظهر للسعودية مذكراً إياهم بمأساة البوعزيزي وما فعلته نيران ثيابه بزين العابدين بن علي، إبّان أيام النكبة وليست الثورة التونسية في مطلع ثورات الخراب والخريف العربي.. وظل الغنوشي يعد "الإخوان" ويبشرهم ويمنّيهم وما يعدهم الغنوشي إلا كذباً وزوراً.


نعم هي باقية ولن يضرها ابتزاز الألمان أو مساومة البريطانيين أو تلوّن الفرنسيين، ولن تكترث السعودية لآراء أو تعليقات مصاصي دماء الشعوب في اليسار الأمريكي من الذين لا همّ لهم سوى إشعال الحروب واستنزاف الأوطان بنشر بذور الخراب والدمار ومن ثم الانتظار حتى تحين أوقات الحصاد ونهب الخيرات والمقدرات تحت مسميات البناء وإعادة الإعمار.

نعم هي باقية وماضية في تحقيق أحلامها وطموحاتها ولن يعيقها عن إكمال مسيرتها نحو صناعة مستقبل أبنائها ومستقبل أبناء المنطقة عموماً والرقي بهم نحو آفاق التقدم والازدهار ما أدلت به سوزان رايس مؤخراً لنيويورك تايمز من تصريحات قد أظهرت بعضاً مما تكنه صدور التيار الأوبامي من حقدٍ وغلٍ غائر، حقدٌ لم يجد له متنفساً إلا في محاولة استغلال نتائج ذلك الخطأ الذي حدث في التعامل مع خاشقجي، وفي الحقيقة أن ما تخفيه صدورهم أشد وأعظم بسبب الدور السعودي الفاعل والمتسبب في انهيار المشروع الأوبامي الإخواني الإيراني، وبسبب مقاطعة السعودية لقطر الحليف الشيطاني والممول السخي لأعمال ومشاريع ومؤامرات تيارهم الخبيث.

نعم هي باقية وستبقى على الدوام حصناً حصيناً وملاذاً أميناً لكل العرب ولكل أبناء المسلمين وسيبقى شعبها الجبار مخلصاً لقيادته العظيمة والحكيمة ووفياً لوطنه المعطاء ولن تزيده نيران التأليب والتحريض ضد حكّامه إلا مزيداً من التماسك والتلاحم والانسجام، ومهما مكر الأعداء وكادوا ومهما أنفقوا من أموال من أجل تفتيت ذلك التلاحم والعبث بذلك الانسجام، فإنهم سينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون.. كما هي عادتهم التي لن تتبدل يوماً ولن تستقيم.

وكما اعتادت هذه الأرض الطاهرة حاضنة الحرمين ومهوى أفئدة المسلمين على الأمن والأمان والاطمئنان منذ آلاف السنين فإن ذلك الوضع سيبقى إلى أبد الآبدين.. وبإذن الله «مكر أولئك هو يبور» صدق الله العظيم.

* كاتب سعودي