-A +A
مها الشهري
العديد يقدمون أفكارهم ورؤاهم الشخصية بلسان العامة في صيغة «نحن»، في حين أن كل ما يصاغ بعيدا عن ذاتية المجتمع وثقافته يفقد بجدواه وانعكاساته وقيمته، فالثقافة نمط لواقع الحياة الاجتماعية، إلى جانب كونها مشروعا يقوم على صناعته النخب والعمل المؤسسي.

هناك علاقة تبادلية فعالة يتحدد فيها سلوك الفرد بأسلوب الحياة في مجتمعه، وكذلك يتحدد أسلوب الحياة بسلوك الفرد في عملية التثقيف وضمن ظروف معينة تسمح لهذه العلاقة بأن تؤدي دورها، الأمر الذي يساهم في حل المشكلات الثقافية ومواجهتها وفق السلوك الملائم لها، وحتى لا تفقد الأفكار الخلاقة فاعليتها لصنع ثقافة حول فكرة ما فيجب تهيئة الشروط النفسية والاجتماعية لتبنيها حتى يتم التعامل سلوكيا بمقتضى الوعي والتأثر بها.


كثيرة الأفكار التي تجاوزها الناس، بحيث لم يعد لها أي دور اجتماعي، بالرغم من أنها كانت مصنوعة على خلفية ثقافية ذات قوة جوهرية، ما يعني أنها فقدت فاعليتها في خلق الموقف الأخلاقي الحديث، وإن بقيت رواسبها حية في اللا شعور الإنساني كونها جزءا من الثقافة وتتخلل بعض جوانب الحياة والأداء في العمل؛ إلا أنها تصنف بالتقليدية وتواجه بالسلوك المضاد، بمعنى أن التذمر وعدم القابلية يفسر انتهاء صلاحيتها.

علاقة الثقافة بالمجتمع هي علاقة وظيفية تقوم على معطيات تمكنها من الوعي العام، وما لم تقم على هذا التفسير فستفقد كل قيمة ومعنى اجتماعي، غير أن الأفكار الجديدة مهما كانت إبداعية وخلاقة ستبقى جامدة ما لم تبن على أسس النشاط العقلي والاهتمام الاجتماعي الذي ينعكس على ثقافة المجتمع وسلوكه، وبالتالي سعيه في إصلاح نفسه وحل مشكلاته في نهاية المطاف.