-A +A
علي بن محمد الرباعي
الشخصيات المؤثرة في التاريخ استثناء وليست قاعدة، والأمة العربية شأن بقية الأمم لطالما دخلت أزمات، ومرّت بصعوبات، ووقعت في مآزق، وظلّت عقوداً تنتظر قائدها الملهم الذي يخرج بها من غياهب الحيرة والتردد وتجزئة المواقف وتشتت الأفكار وتبعثر الجهود إلى وضوح الرؤية، وتوحيد الغاية، وتوفير المعرفة، وتوثيق الصلة بالناس.

لم يكن حضور القائد الملهم من البدهيات المألوفة، لأنه أشبه بالمنقذ النادر الذي يحضر في الأوقات الحرجة، فيسلب ألباب من انتظروه بما يملك من مؤهلات لا تتوفر لغيره، بدءا من كاريزما القبول والهيبة وليس انتهاء بتحقيق الأهداف المعدة مسبقاً، مروراً بحديثه بلغة واضحة غير قابلة للتأويل.


بعض الزعامات العربية لم تحقق مآربها كونها تلقفت فلسفات نظرية مجنّحة في فضاء متخيل تعذر عليها إنزاله للواقع، وتعثرت مشاريع إصلاحية كون القائد لم يؤمن بتأثير الحضارات والثقافات وتأثرها، ولم يستفد من دروس التاريخ، فوقع في الخلط بين الرؤى وبين الخطط، وبين الأهداف القومية المستحيلة والغايات الوطنية الممكنة، وانحرفت به النرجسية عن تحقيق طموحات شعبه فتجاوزه الزمن إلى غيره.

نعيش منذ عامين ونعايش شخصية وطنية تمتلك مهارات التواصل الجيد، والقدرة على التعبير عن أحلامنا وأهدافنا المشروعة. مستمع نوعي، ومتحدث لبق، وله خصائص تؤهله لجذب واستقطاب ولاء وانتماء فريق عمله، ما يرتقي بقدراتهم ليكونوا بمستوى تطلعاته في حسن الإدارة والتنظيم.

ربما يستكثر البعض علينا أن يكون سعوديٌ زعيماً وقائداً يشار له بالبنان، ويحيي فينا روح الاعتداد بالذات، والثقة بالنفس، وتجديد الدماء، وإحداث حراك ينقل البلاد والعباد نقلات نوعية، بحجم وقامة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ابن جزيرة العرب التي أَلِفتْ تقديم نماذج خالدة من قيادات لا تخون ولا تغدر ولا تخاتل ولا تنكث.

محمد بن سلمان أدخلنا معه في شراكة وطنية، وأوقفنا معه على الأرض الصلبة، ورسم لنا الجسر الذي يلزم أن نعبر من خلاله إلى الحياة، لذا فإنه قائد حيٌ يبعث روح الأمل مجدداً، ومن هذا شأنه سيكون أعرف الناس بمعدن شعبه وقدراته.