-A +A
منى المالكي
يقول الصينيون عن الشخص الذي توفي في خضم أحداث عظيمة فلا يلفت موته أحداً إنه «مات يوم القيامة»، ويفسرون بهذا مرور ميتته الصامتة مرور الكرام، إلا أن المسألة في حالة «السعودية الجديدة» تبدو على النقيض تماما من ذلك؛ لأننا ولدنا في يوم أشبه بيوم القيامة! أي أن ملهمنا وفارس رؤيتنا الأمير محمد بن سلمان أطلَّ على الدنيا بالرؤية في قلب العاصفة التي كانت تشتت وتقلب البيت العربي رأساً على عقب ولا مؤشرات تدل على مستقبل مشرق أو حتى حاضر آمن! وهنا تبدأ حكاية فارسنا الذي أقام تحت سقف العاصفة التي أصبحت بيتاً له حتى الآن، ولكن هذا قدر العظماء.

ما يحدث من هجمة إعلامية شرسة منظمة جداً وحقودة جداً ومستمرة جداً جداً، واضحة للجميع أهدافها وأبعادها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، فعشرون مليون سعودي يعلمون تماماً أنهم مستهدفون وهذا ليس بالشيء الجديد، الجديد هنا هو الإجابة على سؤال: لماذا؟ فكل الاغتيالات السابقة التي حدثت على سطح الكرة الأرضة وحالات الاختطاف الدائمة لم تأخذ هذا الزخم المريع! ولن ننسى عيناً «عبدالله أوجلان» عندما اختطفته السلطات التركية من السفارة اليونانية في نيروبي، حيث اعتقل وأرسل إلى تركيا في فبراير 1999 في عملية تباهت بها السلطات التركية وأعلنتها على مرأى ملايين المشاهدين، ثم حوكم أوجلان في تركيا في 28 إبريل 1999 بتهمة الخيانة العظمى وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد بعد إلغاء حكم الإعدام في تركيا حتى تستطيع الانضمام للاتحاد الأوروبي! السؤال: ماذا لو حصل هذا السيناريو مع جمال خاشقجي يرحمه الله؟


هناك كثير جداً من التحليلات السياسية حول هذا الانحياز العظيم ضد بلادنا من الشرق والغرب، منها سياسة كسر العظم الذي تمارسه أوروبا ضد حلفاء أمريكا، والرياض الحليف الإستراتيجي الأهم لواشنطن، وهناك من يقول إن خلف هذا الهجوم إعلاماً إخوانياً أردوغانياً! كل ما سبق يحمل كثيرا من الوجاهة بالإضافة إلى فاتورة «رؤية 2030» والقيادة الشابة والعملاق السعودي العظيم الذي بدأ بقوة وأصبحت «السعودية العظمى» حديث العالم، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في غضون سنتين، وعالجها أمير سعودي لم يتجاوز الأربعين من عمره بعد، هذه القضايا التي كانت مدار معضلات سعودية في المؤتمرات العالمية، وقضايا استفاد أعداؤنا منها كثيراً إذا بها تنتهي وتتلاشى وكأن لم تكن! ولم يبق غير التحليق بطائرة الرؤية يقودها «محمد بن سلمان» ذلك الاسم الذي أرعبهم فكيف تكون السعودية رقماً صعباً وصعباً جداً في معادلات القوى في العالم وليس المنطقة فقط، هذا هو السبب الأهم خلف هذا الجنون والزيف الإعلامي: إيقاف هذا الفارس القادم!

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@