-A +A
عبداللطيف الضويحي
ما كانت جنيف بداية العالم وليست مركز الكون، إنما جنيف مقر الأمم المتحدة ووريثة التاريخ الأوروبي الثقيل، وجنيف تتحدث أغلب لغات العالم وحاضنة العرقيات والثقافات واللاجئين، يقيمون بها ويعملون بها ويتنقلون منها وإليها من كافة العواصم الأوروبية والعالم.

على النقيض من مدينة نيويورك، تبدو جنيف متناغمة كل التناغم ومنسجمة كل الانسجام مع مدينة جنيف وثقافة جنيف وكأنهما شيء واحد ويتكلمون لغة واحدة. لا أعرف ما إذا كان هذا الانسجام كان منذ بداية تأسيس الأمم المتحدة أم أنه كان وليد التجربة والممارسة والتفاعل بين الطرفين.


في الأسبوع الماضي، كان برنامج الخليج العربي أجفند، يقيم منتدى أجفند التنموي على مدى أسبوع في مقر الأمم المتحدة في جنيف وبالشراكة معها في أهداف التنمية. هذه ليست المرة الأولى التي يعقد منتدى أجفند التنموي هناك ولن تكون الأخيرة، لكن أجفند أعلن هذه المرة عن برنامج لتأسيس 14 بنكا من بنوك الشمول المالي في أفريقا، تضاف إلى سلسلة البنوك التي أطلقها أجفند خلال السنوات الماضية وتعمل في عدد من الدول العربية.

كان من ثمرة شراكة أجفند مع الأمم المتحدة تبني أهداف التنمية المستدامة 2030 السبع عشرة لتكون مجال جائزة أجفند في كل عام حيث كان التعليم الجيد هو الموضوع لجائزة أجفند هذا العام، وفازت فيه ثلاثة مشروعات من كل من بنجلاديش والنيبال والهند.

لأن الهدف من أي جائزة هو أن تكون نموذجا محفزا وباعثا للمهتمين بمحاكاة الفائزين وتطبيق تجاربهم سواء كانت في مجال التعليم أو التمكين أو الحد من الفقر وتقليص مساحة التهميش الاجتماعي، عمل أجفند على نقل تجارب المشروعات الرائدة ونقلها لمن يرغب بتطبيقها والاستفادة منها. يعمل أجفند على استثمار ما يقارب 63 مشروعا رائدا في التنمية لتكون نماذج يسهل استساخها وتبنيها في العديد من المجتمعات التي تحتاج للاستفادة منها، ناهيك عن أكثر من 1400 مشروع تقدمت للجائزة خلال عمر الجائزة هي أيضا.

لقد أصبحت الممارسات المتميزة أحد المنهجيات التي تعمل بها التنمية في مختلف الدول، ومنها انتشرت وسادت العديد من التجارب الناجحة سواء عن طريق الحكومات أو المنظمات أو الجمعيات والأفراد.

ليس صحيحا أن المال هو ما ينقص الدول الفقيرة، فالمال يمكن توفيره في حالات كثيرة عندما تتوفر المشروعات المجدية والقابلة للتطبيق والاستفادة منها. إن ما تحتاجه الكثير من الدول والمجتمعات النامية هي الأفكار الناضجة والتي سبق تطبيقها والاستفادة منها وتجريبها في أكثر من مجتمع وعلى أكثر من صعيد، من هنا أقترح على المجتمع المدني في العديد من الدول العربية الاستفادة من المشروعات التي نجحت حسب التجارب التي ترشحت لجائزة أجفند وغيرها من الجوائز. فمن يطلع على بعض المشروعات التي ترشحت أو فازت يعرف أنها فازت ليس بسبب إمكاناتها المالية، وإنما بسبب أفكار تلك المشروعات أو أساليب تطبيقها وإدارتها والشرائح التي استهدفتها.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org