-A +A
خالد السليمان
لم أقرأ لسعودي واحد معتبر منذ بداية الأزمة يبرر لاختفاء جمال خاشقجي رحمه الله، الجميع في الحقيقة كان يعترض على الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها بلادهم واعتمدت على تسريبات غير موثقة وغالبا من مصادر إعلامية منحازة وعدائية!

لذلك عندما يدين السعوديون اليوم حادثة موت خاشقجي فإنهم منسجمون تماما مع ضمائرهم الحية، فنفس الأخلاقيات المهنية والموضوعية التي دعتهم لانتظار صدور نتائج التحقيقات الرسمية تملي عليهم اليوم إدانة المتسببين بمقتله والترحيب بجميع الإجراءات التي صدرت عن حكومة بلادهم لمعالجة الأسباب التي أدت إليها ومحاكمة مرتكبيها!


على الطرف الآخر بدا البعض مستعدا لإصدار الأحكام منذ الدقائق الأولى لشيوع نبأ اختفاء خاشقجي داخل القنصلية، وكأن القضية لا تتعلق به وإنما بالسعودية، بدليل أن سرادقات العزاء التي أقيمت لنعيه في إعلام «الجزيرة» وتوابعه قبل التأكيد الرسمي لوفاته، طويت فور صدور البيان السعودي الذي اعترف بموته داخل القنصلية، وأقيمت مكانها منصات الاحتفال الصاخبة بتأكيد مسؤولية موظفين سعوديين رسميين عن وفاته، فالراحل جمال خاشقجي لم يكن بالنسبة لهم سوى وسيلة لتحقيق غاية الإضرار بالسعودية الكيان والدولة، وفي كل مرة سيتذكرونه ويذكرونه فيها سيتذكرونه ويذكرونه كضحية وليس كمثقف، ولو كانوا مهتمين كما يزعمون بمبادئ حرية الرأي لاهتموا بقضايا قتل وسجن وتعذيب مئات الصحفيين والمثقفين والمعارضين في دولهم!

المحزن في الأمر أن بعض من يدعون محبة جمال هم الأكثر فرحا بتأكيد موته، بينما من يتهمون بكراهيته هم الأكثر حزنا لأنه ليس على قيد الحياة!