-A +A
حسين شبكشي
وسط الضجيج الإعلامي المتلاحق والصخب الإخباري المتواصل والذي يصب باتجاه واحد منذ أكثر من أسبوعين من الزمن، قد يكون من المفيد (إن لم يكن إلزاميا) أن تكون هناك وقفة جادة وصارمة مع النفس، وخالية من المجاملات ومجردة من الأنا، لمراجعة السياسة الإعلامية وأدواتها الموجودة بيننا اليوم. من نافلة القول وإن كان لابد من إعادة التذكير إننا في معركة مصيرية الغرض منها تفتيت السعودية، تقودها ثلاث جهات: نظام الانقلاب في قطر وتنظيم حزب الله الإرهابي التكفيري في لبنان «زعران» إيران في المنطقة وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وهم جميعا صرحوا بذلك الأمر في أكثر من مناسبة، سواء في العلن أو في تسجيلات تمت إذاعتها بعد تسريبها.

وبالإضافة لعملياتهم الإرهابية التي قاموا بها ضد السعودية في السابق وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء تبقى الساحة الإعلامية هي وسيلتهم المفضلة للإضرار بالسعودية.


واتضح بشكل جلي في الأيام السابقة أن هناك خللا حادا ونقصا حقيقيا في الإدارة الإعلامية للتعامل مع هذا الواقع المليء بالتحديات.

الإعلام السعودي بحاجة لإعادة هيكلة وغربلة كاملة. محاولة الدخول إلى معركة فيها الأعداء مدججون بوسائل حديثة بينما يطلب قتالهم بوسائل قديمة هي أشبه بالمهمة المستحيلة.

توجيه الاهتمام للقطاع الإعلامي بجدية واعتباره جزءا من منظومة الأمن الوطني بات مسألة حيوية ولا يمكن تأخيرها لأن التعامل معها من هذا المنظور سيجعلها أولوية حيوية، والاعتماد فيه على أهل الكفاءة وليس أهل الثقة.

إطلاق قنوات إخبارية باللغة الإنجليزية (نعم أكثر من قناة) ولا يكون فيها نفس الخط التحريري.

وهي مسألة فطن إليها الإعلام في الصين وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وروسيا وتركيا وإيران التي جميعها لديها قنوات موجهة لكل جمهور مقصود على حدة وبشكل مستقل، وبالتالي ما يوجه إلى أوروبا غير ما يوجه للعالم العربي وغير ما يوجه لأمريكا وغير ما يوجه لآسيا، وهذا ما يجب فعله.

تقليص عدد الصحف اليومية وسداد كافة مديونياتها الموجودة لدى الجهات الرسمية فورا، حتى تتمكن من مواصلة أداء مهمتها، فالصحافة المكتوبة لا زالت أهم الوسائل المؤثرة (أنظر تأثير الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وصحيفة صباح التركية في الأيام الأخيرة)، ومحليا كانت «عكاظ» أهم خطوط الدفاع والمواقف الإعلامية ولكن نظام المؤسسات الصحفية قديم وخارج دائرة الزمن، لأنه نظام لا يسمح للمؤسسات الصحفية بأن تمارس دورها كما ينبغي حقيقة بشكل تجاري، فاليوم المؤسسات الصحفية بحاجة لتحالفات تجارية داخليا وخارجيا لأداء مهامها ونظام المؤسسات الصحفية الذي يكبلها خارج الإطار المهني والزمني لأنه عائق عليها.

منصة تويتر ليست هي الساحة الإعلامية التي تمنح قضيتك الجدارة، وإذا كان نظام الانقلاب في قطر وزعران مليشيا حزب الله الإرهابي التكفيري قد هبطا إلى الحضيض، فيجب أن نواجههم بالأسلوب المهني وليس السوقي كما يفعلون.

الإعلام اليوم هو أهم ساحات الصراعات، والوضع بحاجة لإعادة غربلة بالكامل، بمنهجية جادة ومهنية احترافية. على أن يكون الاعتماد أولا وأخيرا ودائما على أهل الكفاءة وليس أهل الثقة.

المسألة بحاجة لحراك فوري، فالمعركة مستمرة ووجودية.

* كاتب سعودي