-A +A
يحيى الامير
في أربع سنوات فقط أصبحت الرياض محور العالم وقضيته اليومية؛ تحولات على كل صعيد وأحداث في الداخل والخارج تعكس نمطا جديدا في المنطقة ورؤية حديثة للاقتصاد والاعتدال والسياسة والتحالفات والمجتمع، أحداث لوت أعناق العالم باتجاهنا وفي ذات الوقت أصابت الخصوم والمهزومين في المنطقة بكثير من الذعر.

يفكر النظامان القطري والإيراني دائما: ترى ماذا لو استمر هذا الإيقاع السعودي لأعوام قادمة وما الذي سيحل بهما؟


كان قرار مقاطعة الدول الأربع للنظام في الدوحة والموقف السعودي الصلب تجاه طهران واللغة الجديدة في السياسة السعودية واستمرار مواجهة الخلايا والجماعات الإرهابية والحرب في اليمن والموقف الصارم تجاه التدخلات الأجنبية في الشأن السعودي، كلها مواقف تنبئ عن عملاق حقيقي يعيد تعريف معنى القوى العظمى والصاعدة في المنطقة. هكذا وجدت الأنظمة والجماعات المارقة أنها أمام قوة جديدة يمثل وجودها وصوتها الجديد إعاقة كبرى لكل مخططاتهم وتطلعاتهم، وهكذا بدأت المواجهة.

لوبيات وجماعات ضغط في مختلف عواصم العالم يعمل فيها الفاسدون والمؤدلجون والهاربون من العدالة في بلدانهم، يمولهم المال القطري والعداء الإيراني وتعمل فيه الكوادر الإخوانية.

تعلموا من سيناريو الحادي عشر من سبتمبر أن ما حدث حينها جعل المتهم هو الشعب، 15 من 19 شخصا الذين نفذوا الهجوم كانوا من السعودية، إذ حاولوا أن ينالوا من المملكة ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، لأن المملكة لا يمكن أن تتورط في حادثة لا تصب في مصالحها.

تشهد واشنطن منذ سقوط الحلم الإخواني في المنطقة تشكلا جديدا لخلايا إخوانية قطرية بارزة، ففي واشنطن اشترت قطر صحيفة هافنغتون بوست لتطلق منها النسخة العربية وعينت لها رئيسا هو وضاح خنفر مدير قناة الجزيرة السابق (كان جمال مدعوا لحضور حفل إطلاق الصحيفة)، واتسعت الأنشطة القطرية الإخوانية في واشنطن بقيادة من لينا رحال شقيقة عضو الكونغرس نك جو رحال الأمريكي من أصل لبناني وأبرز مهندسي الصفقات القطرية مع حزب الله والاستثمارات القطرية في واشنطن.

وفي الأيام الماضية، استشرى نظام الحمدين في محاولات مستميتة للنيل من المملكة، بينما أن القيادة الرشيدة دحضت كل هذه الألاعيب منذ أن أعلنت أن العدالة ستأخذ مجراها، ولن يفلت من العقاب كائناً من كان، إذ وعد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بمحاسبة كل من يتورط في إيذاء مواطن سعودي.

وديدن المملكة منذ تأسيسها أنها شفافة وعادلة مع الجميع، حتى في علاقاتها الدولية، فلم يستوعب العالم كيف أن دولة من الشرق الأوسط يمكن أن تتخذ موقفا كالذي اتخذته المملكة من كندا أو ألمانيا وتحمي سيادتها بتلك القوة وتبث من خلال تلك المواقف رسائل واضحة للعالم.

ولا يمكن لكل أولئك الذين تحطمت أحلامهم ومشاريعهم في الفوضى والهيمنة في المنطقة إلا أن يبحثوا عن طريقة لمحاولة إلحاق الأذى بصورتها دوليا.

ستنتهي هذه الأزمة كما انتهت غيرها من الأزمات، دون أن يحدث شيء خلاف هذا الضجيج الذي سنضيفه إلى سجل الأزمات التي مرت بها المملكة وسنتعلم منه كما تعلمنا من غيره، نتعلم منه فعلا من هم الأصدقاء ومن هم المتربصون، وستستمر مواقفنا المؤثرة في المنطقة في اليمن وتجاه النظام في قطر ومواقفنا نحو الاعتدال والتنمية والمستقبل.

هذه الخطوات العظيمة لا يمكن أن تمر دون مواجهة، وكل تلك القصة العابرة ليست سوى فصل واحد من فصول المواجهة وربما يكون آخرها.

* كاتب سعودي