-A +A
حسين شبكشي
أين جمال خاشقجي؟ هذا هو السؤال «الخبري» الأكثر تداولا أخيرا. أصبح الإعلامي السعودي جمال خاشقجي الذي كان يصنع الأخبار، هو الخبر الأهم نفسه.

لا أحد حتى الآن يعلم الإجابة على هذا السؤال. القصة غامضة وغير واضحة والتحقيقات مفتوحة ومستمرة.


وليست قضية جمال خاشقجي الأولى من نوعها بالمناسبة، فهناك حالات غامضة لا تزال بدون إجابة مثل اغتيال موسى الصدر واختفاء الصحافي المصري رضا هلال والعشرات من الأمثلة الأخرى.

وكل كلام عن الجزم بمعرفة الحقيقة والادعاء بها مردود على قائله بطلب الدليل على ما يقول، فالبينة على من ادعى، والبينة المقدمة حتى الآن مليئة بالأجزاء الناقصة التي تجعل القصة المروجة محل شك عظيم، بينما القانون يقتضي أن تكون البينة قطعية الدلالة وليست ظنية الدلالة.

وطبعا بما أنه لا يوجد أي دليل قطعي على سلامة القصة المروجة فلا يمكن أن يصنف كل ذلك إلا بأنه كذب وافتراء.

ولعل أغرب المدافعين عن «قضية» اختفاء جمال خاشقجي، كان إعلام نظام الانقلاب في قطر، وأبواق مرتزقة إعلام تنظيم حزب الله الإرهابي في لبنان.

الأول نظام اعتاد على «استخدام» الإعلاميين لأجل تحقيق نقاط سياسية قذرة مع أجهزة المخابرات العالمية، تماما كما فعل حمد بن خليفة أمير نظام الانقلاب السابق في قطر عندما استخدم يسري فودة في برنامج سري للغاية للإيقاع ببعض قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي بحسب ما روى يسري فوده بنفسه في مذكراته وعرض بالتالي حياته لخطر عظيم.

وضحى بطارق أيوب عندما وضعه في موقع الخطر ليستدل بموقعه للقصف من قبل القوات التي قدمت لها المعلومة.

أما دفاع تنظيم حزب الله الإرهابي عن قضية جمال خاشقجي فهو مسخرة المساخر بعينها، هذا التنظيم الإرهابي الذي قام بنفسه بتصفية جبران تويني وسمير قصير ومحاولة اغتيال مي شدياق وعلي الأمين وعلي فرزات، ومتحالف مع نظام قام بتصفية سليم اللوزي والعشرات من الأمثلة الأخرى، تنظيم طائفي مجرم، لا يعرف معنى حرية الكلمة ولا احترام الآخر يقوم بالمتاجرة الرخيصة بقضية أشرف منه.

الإعلام هي مهنة باهظة الثمن يدفع فاتورتها أعداد هائلة حول العالم من كامل مروة مؤسس الحياة الذي اغتيل على مكتبه إلى دانييل بيرل الذي قطعت رأسه عن جسده في عملية إرهابية، إلى المئات الآخرين.

قائمة طويلة. لا أتفق مع آراء جمال خاشقجي السياسية، كنت أجد عجبا في عدم رؤيته لخطورة الإسلام السياسي وعدم ربطه بآفات التطرف، كنت أعجز عن دفاعه عن نظام الانقلاب في قطر، وكيف أنه لا يراه كمشروع سرطاني خبيث وعميل في المنطقة، ولكنه كان صديقا وعمل لصالح الكلمة في بلاده وخدم وطنه وهو ابن أسرة كريمة وعريقة، ولكن في نهاية الأمر هو الآن حالة إنسانية له عائلة وأسرة ووطن مهتمون بمعرفة حقيقة ما حصل له.

بمتابعتي في الأيام الأخيرة لأخبار اختفاء جمال خاشقجي من مصادر مختلفة، أدركت تماما لماذا الثورات التي بنيت على الكذب لا يكتب لها النجاح، والمقاومة المبنية على الخيانة لا يكتب لها القبول.

إعلام الثورات الذي يدعي ملكيته نظام الانقلاب في قطر وصل إلى مرحلة «كاريكاتورية» تستدعي الشفقة، وأصبح مرآة يعكس حال النظام الذي يحكمه، أما إعلام المقاومة فهو هستيريا من النواح الكاذب المفضوح.

قضية اختفاء جمال خاشقجي دخل على خطها تجار ودجالون ومجرمون، وعلى كل حريص بحق على معرفة الحقيقة أن يفرق بين الخبر الصادق والتجارة الفاسدة. لأن هناك من يريد رفع «قميص» جمال لتحقيق مآرب فاسدة.

* كاتب سعودي