-A +A
عيسى الحليان
صناعة الكهرباء في المملكة صناعة مكلفة ومعقدة وتحتمل نسبة من الهدر في جميع جوانبها، فإذا رفعت الأسعار على منتجات الكهرباء (لكل الشرائح) صاح المستهلك، وتأوه التاجر، وتردد المستثمر، وإذا أبقيتها دون زيادة، زادت فروقات التكاليف على البلاد بنفس النسبة، وارتفع معها نصيب الفرد الوطني من الثروة المهدرة. ولأن هذه القضية تراكمت طيلة العقود الماضية دون وضع حلول لها كان لابد أن تصل إلى طريق مسدود وتبدأ رحلة العودة وأن تكون حلولها شاقة وأكثر كلفة وهنا لا تحتاج إلى ثمن وتضحيات أكبر فقط، وإنما إلى زمن أيضا قد تكون بأمس الحاجة إليه لكسب الوقت وإيجاد حلول متدرجة، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن هذه الصناعة لم تفتح ملفاتها وأرقامها كما يجب، فظلت صندوقاً اقتصادياً أسود لا يتماشى مع الرؤية الاقتصادية للدولة ولا الشفافية التي تعتمدها الحكومة نهجا حالياً لها.

كم نصيب الحكومة من التكلفة مقارنةً بالمعايير العالمية؟ ولماذا تراكمت هذه الزيادة؟ وكيف نجد حلولا لها؟ وما هو نصيب الفرد من الدعم للكيلو الواحد مقارنة بنصيب الشركة من هذا الدعم؟ وأقصد بذلك الفرق بين التكلفة الفعلية للإنتاج والمتوسط العام في الدول الأخرى، وهل يرجع ذلك لتكاليف الوقود الأحفوري الذي تعتمد عليه هذه الصناعة بمفرده، ونسبة الغاز من هذا الوقود أيضا قياسا بالنفط، أو يرجع ذلك لأسباب تتعلق بتمدد الشركة في مواقع غير اقتصادية وقرى متناثرة وما تقدمه كخدمة اجتماعية من الدولة لمواطنيها، أم أن ذلك يعود لأسباب تتعلق بالهياكل العامة وعدم كفاءة التشغيل، أو أن ذلك يرجع لأسباب تجارية تتعلق بالمبيعات والديون وعدم قدرة الشركة على استيفاء مستحقاتها لدى الغير. الأكيد أنني لم أسمع يوماً بأن الوزارة، أو هيئة الإنتاج المزدوج أو الشركة، قد أصدرت عبر تاريخها تقريراً عن أرقام هذه الصناعة يفك هذا الالتباس في تكاليف هذه الصناعة ونسب الهدر ويكشف عن هذه التشوهات الاقتصادية، وبالتالي هل يمكن لمنتدى الرياض الاقتصادي أن يتناول هذه القضية التي تكون في مجملها رقماً اقتصادياً وطنيا كبيراً يعني المستهلك (المواطن) بقدر ما يعني المنتج (الدولة) على حدٍ سواء!