-A +A
مها الشهري
نقلا عن «رويترز» وجه ترمب تصريحا شعبويا بعقلية كلاسيكية أمام حشد شعبي في ساوثهافن في مسيسيبي بقوله: «نحن نحمي السعودية... إلخ»، والمعروف أن الرجل اشتهر بهذا النوع من الخطابات المحركة والمثيرة للاعتزاز في العاطفة الجماهيرية الأمريكية، بصرف النظر عن مدى واقعيتها أو مصداقيتها، لأن ما يصدقه الجمهور بما يثير مشاعر فخره في الغالب لا يحتاج إلى تحرٍ للمصداقية أو البحث عن إثبات.

جاء الرد من الأمير محمد بن سلمان في تصريح له مع وكالة بلومبيرغ، مبرزا قوة المملكة الداخلية، وأن مستقبلها مرهون بما في أيدي أبنائها، والواقع أن سياسة أمريكا الخارجية في عهد أوباما السابق كانت منسجمة مع المشروع الفارسي المهووس بالسيطرة، والذي يستخدم قوته لتصدير الخراب، رغم أن الموقف كان يتطلب حسر الدور الإيراني بمساهمة دولة عظمى تبرز نفسها على الساحة كدولة قائدة للسلم، لكن الأمور في الشرق الأوسط تدهورت ووصلت إلى منعطف خطير يتطلب اتخاذ موقف حيوي لاستعادة التوازن وللمواجهة المباشرة من قبل المملكة بعد صبرها الطويل على العبث الإيراني، بادرت فيه السعودية بالتحالف الإسلامي لإدارة المنطقة دون طلب الحماية، بفرض نفسها ومركزيتها وتحقيق قوتها الإقليمية لما يتطلبه الموقف كونها غير عاجزة عن فعل ذلك، بعد أن رفعت السياسة الأمريكية يدها عن ملفات الشرق الأوسط 8 سنوات ماضية جراء التباين الكبير في المواقف السياسية، الأمر الذي حقق تحررا نسبيا من صفة العلاقة التي تتمنن فيها أمريكا بالحماية حينما قامت السعودية بدورها ومسؤولياتها.


أهمية التحالف بين الدول، بصرف النظر عن مركزيتها لتحقيق مصلحة عامة ومشتركة، لا يعني توسل الحماية أو الدفع مقابلها، وليس في الأمر مجال للتمنن، إنما هو الواجب الذي تفرضه المسؤولية، غير أن وجه العالم الجديد يتطلب تجاوز فكرة التبعية ويوجب العمل بما في المواثيق من احترام لسيادة الدول وعدم المساس بها حتى وإن كان ذلك في تصريح عابر، يتطلب الأمر الخروج من حالة التباهي بالفضل والقوة إلى إبراز الموقف المتعاون والدور الفعلي الذي يحقق الأمن والسلام للعالم، غير أنه أكبر مسؤولية لدى أي دولة تصف نفسها بالعظمى وفي وسعها قيادة العالم والمساهمة في تحقيق الخير له.

* كاتبة سعودية

ALshehri_maha@