-A +A
محمد أحمد الحساني
قامت أمانة العاصمة المقدسة في الآونة الأخيرة بتوقيف منح تصاريح إنشاء للعقارات الواقعة في عدد من الأحياء الكائنة في قلب أم القرى، مثل المسفلة وأجياد وشعب عامر والمعابدة وجرول وغيرها من الأحياء القريبة من المسجد الحرام، والتي تعتبر أراضيها من أغلى العقارات تجارياً لارتباطها بسكن ضيوف الرحمن، وقد فهم بعض الذين راجعوا الأمانة أنهم بنوا عملية التوقيف على تعميم صادر من وزارة الشؤون البلدية والقروية بعدم منح تصريح إنشاء لأي عقارات لا تكون ضمن مخطط معتمد، وهو تعميم يشمل جميع مدن ومحافظات المملكة، ولكن تطبيقه قد يتعارض مع ما ورد في نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/‏15 المؤرخ في 1424/‏03/‏11هـ، وقد سبق أن عاشت وعانت أم القرى قبل عدة عقود من توقيف إعطاء تصاريح بناء في عدة أحياء مكية، مثل الشامية وسوق الليل والقرارة وشعب علي وشعب عامر والغزة، وصدرت بذلك توجيهات عليا، وذلك لوجود مخطط تنظيمي لتلك الأحياء، ولكن التخطيط لم ينفذ في حينه وحرم ملاك العقارات فيها من البناء مدة تزيد على 30 عاماً، ثم سمح لهم به على ما كان عليه الوضع قبل المنع من عدم وجود مخطط تنظيمي، واستمر إعطاء التصاريح حتى تمت إزالة معظم تلك الأحياء في التوسعة الجديدة للمسجد الحرام، وبناء على التجربة السابقة فإن عملية التوقيف الجديدة لمنح تصاريح البناء لم يصدر بشأنها أمر سام يُلغي العمل أو يجمد العمل ببعض مواد نزع الملكية المشار إليه، وهو نظام عادل واضح يؤكد في مواده أنه لا يجوز منع أي مالك عقار من التصرف في عقاره بيعاً وشراء وبناء ما لم يكن منزوعاً للمنفعة العامة، وأن تكون الميزانية المخصصة لنزع الملكية معتمدة بالتنسيق بين الوزارة أو الجهة التي سوف تنزع العقار ووزارة المالية، وجاء في اللائحة التنفيذية لنظام نزع الملكية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 54 وتاريخ 1437/‏02/‏11هـ، المادة السادسة منها بأن على الجهة المنفذة للمشاريع العامة تقديم ما يثبت مقدرتها المالية على دفع التعويضات المستحقة عن نزع الملكية.

ولذلك فإن عملية توقيف منح تصاريح بناء للعقارات الموجودة في مكة المكرمة لم تُبْنَ على ما يبررها نظاماً، لأنه لا معنى لتعطيل استفادة الناس من عقارات يساوي الواحد منها عدة ملايين من الريالات إلا أن تكون خاضعة لمشاريع نزع ملكيته معتمدة في ميزانية العام نفسه الذي جرى فيه توقيف منح تصريح الإنشاء، وتكون أثمان التعويض جاهزة للصرف حسب مواد نظام نزع الملكية للمنفعة العامة، أما ما حصل من اجتهادات سواء من الوزارة أو من الأمانة فإنه لا يقوم على أساس نظامي أو أمر كريم! لقد صدر الأمر السامي الكريم بتكوين الهيئة الملكية لتخطيط مكة الكرمة والمشاعر المقدسة برئاسة سمو ولي العهد الأمين، فهل التوقيف جاء لرغبة الهيئة الملكية التي أعطاها الأمر السامي لوحدها تخطيط وتطوير مكة والمشاعر والمناطق التي تم إيقاف التراخيص بها تقع في قلب العاصمة المقدسة.


لذا فالقرار صدر ممن لا يملك حق التخطيط والتطوير سواء الوزارة أو الأمانة، فهل هناك أمور استجدت وعلى أثر ذلك صدر التوقيف؟

* كاتب سعودي

mohammed.ahmad568@gmail.com