-A +A
منى المالكي
«أول سعودية تحصل على رخصة قيادة»، و«أول سعودية تفوز بميدالية»، و«أول سعودية تعبر بسيارتها إلى الفضاء!»، و«أول سعودية تغني في مهرجان عام»، وأول، وأول!

هن بعض السعوديات الأوائل في مجالات لم يكن مسموحا لهن بممارساتها، وهذا شيء طبيعي في ظل أجواء التمكين وفرحة المرأة بتحقيق جزء من طموح مشروع تمنته ووجدته. ولكن أن يصل الحال إلى ظاهرة و«موضة»، فهذه ظاهرة ملفتة لابد من تحليلها.


أن نبالغ في إظهار المرأة السعودية الخارقة للعادة فهذا – في نظري – يضر بصورة المرأة السعودية؛ لأسباب أولها أن «أول سعودية» في ممارسة الشيء لا تحتاج إلى أكثر من قانون يسمح ومن ثم يصبح الأمر من الممكن القيام به، فهو لا يحسب على عمل أو مجهود للمرأة السعودية، بل هو من ثمرات التمكين للقيادة التاريخية التي نعيشها.

ثانياً هناك فرق بين أن تكوني «أول سعودية» وبين أن تكوني «رائدة»، فالريادة تحتاج إلى كثير من الفكر والعمل والمجهود المتواصل الذي يبقى له أثر في الأجيال القادمة، وهنا لن نعدم أسماء رائدات سعوديات في مجالات فكرية ثقافية اقتصادية اجتماعية، قمن بأعمال مميزة وسطرن أسماءهن بوصفهن رائدات استفدن من خبرات سابقة وتراكمت معارفهن فأصبحن «رائدات سعوديات»، لكن أن تكوني «أول» في أمور يستطيع الكل القيام بها، فهذه تجلب السخرية وكأننا «ما صدقنا»!

عندما يتحدث مذيع في برنامج تشاركه إحدى الفتيات السعوديات تسلق جبل ويعلنها بفخر أنكِ «أول سعودية» تصعدين هذا الجبل! هنا تتعطل لغة الكلام لتمتزج السخرية مع العجب، فهل يعلم هذا المذيع الشاب أن جداتنا – رحمهن الله – كنّ يصعدن وينزلن من هذه الجبال يومياً، وكنّ سعوديات أيضاً! قليلا من الحكمة والاتزان في التعامل مع «أول سعودية».

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@