-A +A
«عكاظ» (الرياض) Okaz_Online@
حين يتحدث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فليس أمام العالم سوى الإنصات له، على نحو ما وصفه الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد في إحدى قصائده «ترنو إليك جموع الناس مصغية.. والخصم ينصت والأقوام والدول».. وبالفعل وضع ولي العهد النقاط على الحروف، مجيبا على أسئلة وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية بمنتهى الشفافية والوضوح، والقوة في الوقت ذاته، مؤكدا أن المملكة سبقت وجود الولايات المتحدة بـ30 عاماً (1744)، وهي دولة قوية وقادرة على حماية مصالحها، مشدداً «لن ندفع شيئاً مقابل أمننا، جميع الأسلحة التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأمريكية دفعنا ثمنها، ولم نحصل عليها مجانا».

وأضاف: قبل عامين، كانت لدينا إستراتيجية لتحويل معظم تسلحنا إلى دول أخرى، ولكن عندما أصبح ترمب رئيساً قمنا بتغيير إستراتيجيتنا للتسلح مرة أخرى لـ10 أعوام قادمة لنجعل أكثر من 60% منها مع الولايات المتحدة، ولهذا السبب خلقنا فرصاً من مبلغ الـ400 مليار دولار، وفرصاً للتسلح والاستثمار، وفرصاً تجارية أخرى. ولذلك فإن هذا يُعد إنجازاً جيداً للرئيس ترمب وللسعودية. كما تتضمن تلك الاتفاقات أيضاً تصنيع جزء من هذه الأسلحة في السعودية، وذلك سيخلق وظائف في أمريكا والسعودية، تجارة جيدة وفوائد جيدة لكلا البلدين، كما أنه نمو اقتصادي جيد، إضافة إلى أن ذلك سيساعد أمننا.


ولفت ولي العهد، في مقابلته مع «بلومبيرغ»، إلى أن واشنطن إبان رئاسة أوباما عملت ضد «أجندتنا ليس فقط في السعودية، وإنما في الشرق الأوسط، إلا أننا كنا قادرين على حماية مصالحنا. وكانت النتيجة النهائية أننا نجحنا، وفشلت الولايات المتحدة بقيادة أوباما». مضيفا «يجب عليك تقبل مسألة أن أي صديق سيقول أمورا جيدة وسيئة، لذلك لا يمكنك أن تحظى بأصدقاء يقولون أمورا جيدة عنك بنسبة 100% حتى داخل عائلتك. سيكون هناك سوء الفهم. لذا نحن نضع ذلك ضمن هذا الإطار». وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن الرياض وواشنطن في إدارة ترمب عملتا الكثير في الشرق الأوسط ، خصوصا ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف.

حل «المنطقة المحايدة» مع الكويت مسألة وقت

وعن زيارته للكويت وما تم بشأن إعادة تنشيط الإنتاج في المنطقة المحايدة، قال الأمير محمد بن سلمان: «نعتقد أننا نقترب من تحقيق شيءٍ مع الكويت. هناك فقط بعض المسائل التي كانت عالقة خلال الـ50 سنة الماضية. والجانب الكويتي يريد حلَّها الآن، قبل أن نستمر في الإنتاج في تلك المنطقة».

وأوضح «هذه الأمور جزء من مسائل ذات علاقة بالسيادة، لم يتم حلّها بين البلدين، ومن المستحيل حلُّها في أسابيع قليلة. لذا فنحن نعمل للحصول على اتفاق مع الكويتيين لكي نستمر في الإنتاج للسنوات الـ5 إلى الـ10 القادمة، وفي الوقت ذاته نعمل على حلِّ مسائل السيادة. ونحن جاهزون في المملكة، ونعتقد أنه يمكننا الحصول على شيء ما قريباً، نحن نحاول إقناع الكويتيين بالحديث حول مسائل السيادة، وفي الوقت ذاته نستمر في الإنتاج حتى نقوم بحلِّها».

«نيوم» دولة صغيرة داخل دولة كبيرة

وصف ولي العهد مشروع مدينة المستقبل «نيوم» بأنه بمثابة دولة صغيرة داخل دولة كبيرة، مرجحا أن تكون هناك الكثير من المشاريع المختلفة الضخمة في نيوم، خصوصا في ظل وجود أكثر من 12 مدينة أو بلدة صغيرة متاخمة للبحر، وغيرها ست أو سبع بلدات، بعضها في الوادي وبعضها في الجبال، ومنطقة صناعية ضخمة، وميناء ضخم، وثلاثة مطارات، ومطار دولي كبير.

وقال: البلدة الأولى في المنطقة التي نسميها «نيوم ريفيرا» ستكون موجودة في العام 2020. معظم الموظفين سينتقلون هناك. أنا أضغط من أجل إيجادها في العام 2019، لا أعلم إذا كنت سأنجح في ذلك. ومن ثم سيكون لدينا من اثنتين إلى ثلاث بلدات في نيوم كل عام. ستكون مدينة نيوم مكتملة في العام 2025. هنالك شركاء مهتمون في الشرق الأوسط وعالمياً. أسماء مثيرة. أعتقد بأننا سنسمع الكثير من القصص الجيدة، سوف نسمع عن أولها في شهر فبراير من العام 2019. سيقوم مستثمر جديد بتشكيل شيء ما هناك. نحن نعمل على التفاصيل النهائية. نحن في طور الحصول على اعتماده النهائي.

حصيلة حملة «الريتز كارلتون» 35 مليار دولار

وعن حجم المبلغ الذي تم تحصيله من اعتقالات فندق الريتز كارلتون، أجاب ولي العهد «أعتقد أنه فوق 35 مليار دولار اليوم. وسنصل للرقم النهائي ربما خلال العامين القادمين، تم تحصيل 40% من المبلغ الحالي على شكل نقد، و60% الباقية في الغالب على شكل أصول».

وعن الأشخاص المحتجزين، حتى الآن قال «تبقى نحو ثمانية أشخاص. هم الآن مع محامين خاصين بهم، ويواجهون القانون السعودي». أحد الأمور التي نسمعها عن حادثة فندق الريتزكارلتون يتوافق مع رواية -نحن نسمع ذلك حتى من رجال الأعمال السعوديين وفي الخارج- حيث لديك أزمة أو خلاف مع قطر، ثم حادثة الريتزكارلتون، ثم هناك مشكلة مع ألمانيا، الرواية هي أن هنالك شعوراً أكبر بعدم اليقين، وشعور كبير جدّا من هذا النوع قد لا يتحمله المستثمرون، ولا السعوديون.

لا ضرائب جديدة

طمأن ولي العهد المستثمرين الدوليين، ورجال الأعمال السعوديين، بأنه لن يكون هناك أي فرض لضرائب جديدة حتى عام 2030، «وسنبذل قصارى جهدنا من أجل تعزيز الاقتصاد، وتعزيز تطوير القطاع الخاص وجميع المجالات الصناعية».

وقال تحدثنا عن ذلك كثيراً في الماضي. في عام 2015، كان يجب علينا القيام بالكثير من المفاجآت. لم نكن نرغب في خسارة العديد من الفرص. لكن احتمالية حدوث المفاجآت الآن تقلصت إلى 1%. والأمر الذي نركز عليه حالياً بشكل كبير هو الرؤية، الآن برنامج 2020، ومن ثم سنعلن عن برنامج 2025.

سفيرنا سيعود إلى ألمانيا.. وعلى كندا الاعتذار

وردا على سؤال بأن ألمانيا وكندا كانتا صديقتين، وأنّ ما قامتا به كان أقل سوءاً، أجاب ولي العهد: الأمر مختلف تماماً، كندا أعطت أمراً للسعودية بشأن مسألة داخلية، وهو ليس رأي كندا حول السعودية بقدر ما هو إعطاء أمر لدولة أخرى؛ لذلك نحن نعتقد بأن هذه قضية مختلفة تماماً.

وأكد أن السفير السعودي سيعود إلى ألمانيا، وكشف «لدينا سفير جديد، والأمير فيصل بن فرحان سيتولى منصباً آخر لاحقاً».

وعن كندا قال «الأمر عائدٌ إليهم. لقد اتخذوا إجراءات ضد قانون الأمم المتحدة، وضد مبادئ العمل. لقد تدخلوا في مسألة ليست مسألة كندية. هم ليسوا مواطنين كنديين. إنها ليست مصالح كندية. إنها مصالح سعودية داخلية بالكامل، إنه من غير المسموح لهم القيام بذلك. بإمكان الإعلام أن يتحدث عن أي مسألة أخرى».

وعن رؤيته للحل شدد ولي العهد «يجب عليهم الاعتذار. ببساطة. كما يجب عليهم أن يعرفوا أنهم قد ارتكبوا خطأً. أعتقد أنهم يعلمون أنهم قد ارتكبوا خطأً، ولكننا سننظر إلى كيفية إعادة الأمور إلى مجراها».

وعن ما يتردد حول نظام وقانون وإصلاح بالنسبة للمرأة وتغيير للمجتمع، تساءل الأمير: ما علاقة هذا بما يحدث في السعودية؟ هناك شخص، وهناك اتهامات ضده بسبب مسائل تتعلق بالأمن القومي وكل المعلومات متوفرة. إذا كان لديك الوقت وترغب في زيارة النائب العام وإلقاء نظرة على الوضع فإنك في موضع ترحيب. ليس لذلك علاقة بحرية التعبير. ولكن الحكومة الكندية، التي لا تملك معلومات عمَّا يحدث، ولا تملك الحق في التدخل في تلك المسألة.

الموقوفات يتخابرن لصالح قطر وإيران

كشف الأمير محمد بن سلمان أن النساء الموقوفات على علاقاتٍ مع وكالاتٍ لدولٍ أخرى، ولديهن شبكة واتصالات مع أشخاص حكوميين، ويُسربن معلوماتٍ لمصلحة تلك الحكومات الأخرى.

وزاد: قطر واحدةً من بين هذه الدول التي جندت بعض هؤلاء الأشخاص. وكذلك وكالات تعملُ بشكلٍ غير مُباشر مع إيران. والدولتان كانتا تُجندان هؤلاء الأشخاص بالفعل. وكان بعضهم على هذه القائمة طرفاً في ذلك، ولكنهم لم يعلموا بأنهم كانوا جُزءا من عمليةٍ استخباراتية، لذا فإننا قد أطلقنا سراحهم. ولكن في ما يتعلق بالأشخاص الآخرين فقد أثبتت الأدلة والتحقيقات أنهم كانوا على درايةٍ بأن ذلك كان عملا استخباراتيا ضد المملكة، ولدينا مقاطع فيديو تُدين بعضاً منهُن. يُمكنُنا إطلاعُكِ عليها.

نحن أقوى بكثير.. «ميزانية 2019 تريليونية»

ردا على سؤال عن سبب تأجيل موازنة الميزانية إلى عام 2023، بدلا عن 2019، قال الأمير محمد بن سلمان: تلقينا نصائح من الكثير من البنوك والكثير من الكيانات؛ منها البنك المركزي والبنك الدولي، مفادها بأنه يمكنك إنفاق المزيد من المال في الاقتصاد، فلماذا نؤجل هذا الإنفاق؟ أنفقنا هذا المال وأعدنا صياغة إستراتيجيتنا ولهذا السبب قمنا بتحويلها إلى عام 2023 لرفع ميزانيتنا وللإنفاق؛ للتأكد من وجود العديد من الفرص الوظيفية، ووجود نمو اقتصادي واستثمار في السعودية.

وعن جهود الدولة لخفض معدل البطالة، أفاد: تصل النسبة حاليا إلى حوالى 13%. لكن بالطبع، لو قضينا سنتين في إعادة هيكلة الاقتصاد، ستجد بالطبع آثاراً جانبية. لا يمكنك أن تقوم بإعادة هيكلة دون وجود آثار جانبية وهذا جزء من الآثار الجانبية لإعادة هيكلة الاقتصاد.

لكن اليوم نحن أقوى بكثير، نتحدث اليوم عن ميزانية 2019، التي زادت عن تريليون ريال لأول مرة في المملكة العربية السعودية. حيث وصلت إلى تريليون و100 مليار ريال. كما وصلت الزيادة في المداخيل أو الإيرادات غير النفطية إلى 300%. لذا فإن الزيادة كانت من 100 مليار ريال إلى 300 مليار ريال، إلى آخره، توجد هناك إنجازات ضخمة تتيح لنا التعامل مع القضايا الأخرى من الآن فصاعداً.

أرى أن معدل البطالة سيبدأ في الانخفاض بدءًا من عام 2019 حتى يصل إلى 7% في عام 2030 على النحو المستهدف في الرؤية. لكن لو نظرت إلى الأرقام، فهي أمر مثير للاهتمام. حيث لو نظرت إلى معدل البطالة بين الذكور، فإنك ستجدها بين 5 إلى 6%، وذلك رقم قريب جداً من المعدل الطبيعي. وأبان أن «النسبة التي ننظر إليها في الحكومة هي نسبة المبالغ التي ننفقها على الموظفين من ميزانية الحكومة. لذلك في 2015 - 2016، كانت تمثل مرتبات الموظفين 50% من ميزانيتنا وما إلى ذلك. واليوم، تبلغ النسبة 42% إن لم أكن مخطئاً. وفي عام 2020، أعتقد أنها ستكون أقل من 40%. والهدف الرئيس هو أن تكون النسبة في عام 2030 تمثّل حوالى 30% من الإنفاق الحكومي على التوظيف الحكومي. لذا فإن حجم هذا الإنفاق لن يُشكّل أهمية بالنسبة لنا، حيث إنه سيكون أقل من 40%، ويقترب من 30% في عام 2030 لأن ميزانيتنا وإنفاقنا، سيصبحان أعلى بكثير من إنفاقنا على الموظفين الحكوميين».

«حساب المواطن» قيد النقاش

وعن ما إذا كان هناك إعادة نظر في «حساب المواطن»، أجاب: خادم الحرمين الشريفين والحكومة السعودية اعتقدا العام الماضي أن جزءا من البرنامج، ألا وهو حساب المواطن، لا يمكن أن يكون دقيقا جدا، لذا رغبنا أن نكون متأكدين من أنه بإمكان المواطنين تدبر أمرهم في عام 2018، وأنهم لن يتضرروا. ولدينا الآن كثيرٌ من النقاشات في الحكومة السعودية حول ما إذا كان يجب علينا أن نستمر بحساب المواطن ونعتمد عليه، أو أنه يجب علينا أن نغير ذلك ونعتمد بشكل كبير على التعويض. وهذا نقاش سيستمر داخل الحكومة السعودية، ولكننا نعتقد أن ذلك لن يضر بالإنفاق؛ لأن كمية الأموال المخصصة لذلك موجودة. ونقاشنا الآن داخل الحكومة السعودية متعلق بكيفية إنفاقها لصالح الشعب.

2021 طرح أرامكو بعد «صفقة سابك»

نفى ولي العهد ما تردد من شائعات حول إلغاء طرح أرامكو للاكتتاب العام، وتأجيله، على خلفية مفاوضاتها لشراء حصة كبيرة في سابك، وأن ذلك يؤجل رؤية 2030، موضحا «في الواقع، في منتصف عام 2017 واجهتنا مشكلة، ألا وهي: ما هو مستقبل أرامكو؟، فهي اليوم، تنتج النفط، ولا تملك سوى القليل من مشاريع المصب (downstream). نسبة إلى إنتاجها الضخم من الزيت الخام في حال أردنا أن نملك مستقبلاً قوياً لأرامكو بعد 20 و30 و40 سنة من اليوم، فعليها أن تستثمر المزيد في المصب، لأننا نعلم أن الطلب على النفط بعد 20 عاماً من اليوم سيكون من البتروكيماويات، وأنا أعتقد أنه يزداد بنسبة 2% إلى 3% اليوم. فحتماً أن مستقبل أرامكو يجب أن يكون في المصب، وعليها أن تستثمر فيه.

وحين تقوم أرامكو بذلك، سيكون هنالك تعارضٌ كبير مع سابك المتخصصة في البتروكيماويات والمصب (downstream). ومصدرها الرئيسي للنفط هي أرامكو. لذا فحين تقوم أرامكو باتِّباع هذه الإستراتيجية، فستعاني سابك بكل تأكيد. لذا فقبل أن نقوم بذلك، يجب أن يكون لدينا نوعٌ من الاتفاق لكي نضمن استفادة أرامكو، دون أن تعاني سابك خلال تلك العملية. لذلك وصلنا إلى نقطة أن صندوق الاستثمارات العامة سيقوم ببيع حصته التي يملكها في سابك والبالغة 70%.