-A +A
أحمد عجب
عندما كان جمال خاشقجي داعماً لفكرة الجهاد المضللة ومولعاً بفكر «القاعدة» وهو يتجول مع قادتها ويجري معهم الحوارات الصحفية على جبهات الصراع بأفغانستان، لم يظهر أحد ليسأل: من اختطف خاشقجي؟!، وحين انحاز كلياً لجماعة الإخوان الإرهابية وأخذ يلمع انتصار الإسلام المعتدل بتركيا داعياً البقية للاستفادة من هذه التجربة، لم يظهر أحد ليسأل: من اختطف خاشقجي؟! وحتى عندما غادر بشكل مفاجئ واستقر في منفاه بأمريكا موجهاً بندقية قلمه المعارض ضد البلد التي ولد وترعرع فيها عبر صحيفة واشنطن بوست، لم يظهر أحد ليسأل: من اختطف خاشقجي؟!، لكنه حين ذهب بإرادته الحرة وللمرة الثانية لتخليص أوراق زواجه بسفارة بلاده بإسطنبول ثم غادرها، أُلفت حوله الأخبار والحكايات المغرضة تحت عنوان: من اختطف خاشقجي؟!

لقد اختطف جمال على مدى سنوات طويلة من قبل الجماعات الإسلامية المتشددة حتى أصبح (خاشقجي ليس خاشقجي)، بل رجلاً متآمراً، يحمل أفكاراً رجعية، لا يتوانى للحظة في إظهار موالاته ومحاباته لأعداء البلد سواء فصائل أو دويلات كقطر، وحتى عندما سمحت له البحرين الشقيقة ببث قناة العرب من أراضيها بادرها في أول حلقات برنامجه بغرس خنجره المسموم بظهرها، من خلال استضافته للمعارض خليل مرزوق ومنحه الفرصة لاتهام ومهاجمة السلطات البحرينية لسحبها جنسيته مع 72 شخصاً، ما اضطرها لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بإقفال القناة وتسريح العاملين فيها خلال 24 ساعة من بداية انطلاقتها!


في إحدى مقالاته المعارضة بالخارج قال جمال خاشقجي: (أتألم عندما أتحدث مع أصدقاء سعوديين آخرين في إسطنبول ولندن هم أيضاً في المنفى الاختياري -هناك سبعة على الأقل منا- فهل سنكون نواة الشتات السعودي)، وهذا اعتراف ضمني منه بتواصله وتعامله مع خونة الوطن الذين يلجأون لتلك البلدان وعلى رأسهم سعد الفقيه وغانم الدوسري، كما أنه يعد إفصاحاً عن أهدافه الإرهابية المتمثلة في تأليب الرأي العام وزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد لغايات شخصية وأهداف طائفية!

لا أدري لماذا لا يوجد على الساحة سوى احتمال واحد وهو: اختطاف خاشقجي؟! مع أن كل الاحتمالات واردة، كأن يكون خاشقجي عند زيارته لسفارة الرياض لمس المعاملة الحضارية الراقية مع شخصه رغم مواقفه المعارضة، فعرف خطأه، وتنبه إلى أن هروبه الدائم لن ينجيه من عذاب الضمير، وأن كافة القوانين الدولية الداعمة لحماية اللاجئين السياسيين، لن تمنحه الراحة التي كان ينعم بها على أرض بلاده، لهذا اختار أن يخرج متخفياً من القنصلية حتى يفكر ملياً في قرار العودة للسعودية وتسليم نفسه اختيارياً لتخفيف العقوبة، وهو القرار الذي سيحل قيوده، ويحرره من الأفكار المضللة، ويخلصه من الجماعات المتشددة التي اختطفته طوال العقود الماضيــة، وهو القرار الذي سيكتب النهاية السعيدة لقصته تحت عنوان (من حرر خاشقجي وأعاده لحضن الوطن).