-A +A
إبراهيم عقيلي
مازلت أعاني من غياب الطيبين، ولله حكمته في كل شيء، ولكننا بعد أن نفقد أجمل الناس وأرقهم على قلوبنا نسأل دائما، لماذا أكثر من نودعهم من أصحاب القلوب البيضاء، وكأن الله يصطفيهم بجواره.

رحيل الزميل خالد قاضي وموجة الحزن الكبيرة التي غطت على الوسط الإعلامي والرياضي، جسدت مدى حب الناس له رحمه الله، ولقنتنا درسا كبيرا في ما يجب علينا فعله من أجل أن نحظى بمحبة الناس وتقديرهم، فمشهد وفاة خالد قاضي جسد أروع معاني الحب في نفوس أصدقائه وزملائه وكل من عمل معهم، ولكن نسأل، كيف له أن يجمع كل ذلك الرصيد من المحبة الطاغية، فوداعه كان حارا وحزينا وحديث الناس عنه كان من الأعماق، والجمع الغفير الذي حضر في يوم الدفن كان مهيبا، حتى أيقنا ساعتها بأن محبة الناس لك لا تأتي إلا بصفاء السريرة وسعة الصدر وتطهير القلب من كل الضغائن، فقد عاش محبا للجميع سهلا مع كل من حوله، صادق الكلمة نزيه الأفعال والأقوال.


حياة خالد قاضي وعلاقته بالآخرين يجب أن نقف عندها كثيرا إذا أردنا أن نعرف سر الحب الكبير، وسبر أغوار سريرته لنصل إلى بياض القلب ومحبة الناس. حرص رحمه الله أن يترك سيرة عطرة ومحبة لدى الجميع حتى عند خصومه.

ولعل المدهش أن يحظى رجل بكل هذا الحب في وسط رياضي عادة ما يحمل في داخله الكثير من الجدال والخصام والاختلاف، وسط يشهد شداً وجذباً، ولكنه رغم كل تلك الأجواء المشحونة بالتعصب كان أميرا في خلقه يحمل هم الجميع ومساعدة المحتاج، كان روحا من الدعابة وعنوان الكلمة الجميلة.

ولعل لقاء اليوم للأهلي أمام نادي الحزم، يترجم ما قلناه كثيرا عن خالد قاضي، فمن أعلى الهرم الرياضي إلى البقية كانت لهم بصمة حب ووفاء، فلقاء اليوم سيسجل في تاريخ الرياضة السعودية، وسيشهد بأن رجلاً كبيرا مات بالأمس وحضروا اليوم من أجل تكريمه، حضر الجميع بلا استثناء متبرعين وداعمين ومشجعين، وحدوا ألوان الأندية وطوروا أهزوجتهم في هذا المساء لتردد، لن ننساك وستبقى خالدا، فقد كنت شهما، طيبا، كريم النفس، وتستحق كل هذا الوفاء.