-A +A
محمد أحمد الحساني
لم يزل الشيك يعاني من عدم التزام ساحبه به وبما يحمله من مبالغ مستحقة لمن صدر باسمه، فإذا راجع به البنك قيل له إن الشيك غير مغطى بالمبلغ أو أنه لا يوجد لساحبه رصيد البتة، مما أدى إلى هوان الشيك على الناس حتى وصل الأمر إلى الحد الذي جعل بعض المتعاملين في أمور تجارية أو عقارية يرفضون استلام شيك مقابل بضائعهم أو قيمة لعقاراتهم إلا أن يكون نقداً أو بموجب شيك مصرفي مصدق صادر بأسمائهم من البنك، بل إن بعضهم يخشون حتى من الشيك المصرفي ولا يطمئن بالهم وينهون إجراءات الصفقة إلا بعد دخول مبلغ الشيك في حسابهم واستقراره في رصيدهم المطمئن! ومن يقرأ الأنظمة الخاصة بالأوراق المالية من شيكات وسندات مالية ويجد أمامه مواد نظامية قوية تطال من يصدر شيكا بلا رصيد أو يكون الرصيد الموجود في البنك المسحوب عليه لا يغطيه فيحصل المستفيد على ورقة اعتراض من البنك توضح سبب الاعتراض على صرفه، وهي مواد قد تؤدي إلى عقوبات على الساحب تَتَضمن السجن والوفاء بقيمة الشيك، فإذا كانت المواد النظامية بهذا المستوى من القوة فما الذي يُجرئ بعض الناس ويجعلهم يسحبون دفتر الشيكات ويكتبون فيه مبالغ يعلمون سلفا أنها غير موجودة في أرصدتهم وهل يوجد تراخ في تطبيق الأنظمة وتطويل في الإجراءات وجلسات مرهقة لأصحاب الحق تجعلهم يملون أو يعجزون عن المتابعة ويتوقفون عن الملاحقة ويرضون بتسوية ودية مع المدعى عليه؟ وهل تقف هذه الأسباب خلف تردد المتعاملين تجارياً وعقارياً في قبول الشيكات ما لم تكن مصدقة، مع أن الشيك العادي محترم ومحمي في جميع الدول تقريباً، والعديد من تلك الدول أقل شأنا بمراحل من الناحية الحضارية والاقتصادية قياساً ببلادنا الغالية، بل إن الأنظمة لا تجيز إصدار شيك بتاريخ مؤجل بل تؤكد على أن من حق المستفيد صرف الشيك فور استلامه بغض النظر عن التاريخ المسجل على الشيك.

إن إعادة الهيبة للشيك سواء كان مصدقا أم غير مصدق يقتضي تسهيل إجراءاته وسرعة البت في قضاياه؛ لأن الأمر واضح فإذا أقر الساحب بأن الشيك صدر عنه وبتوقيعه ولم يكن له رصيد كاف فإن حسم المسألة لا يحتاج إلا لجلسة واحدة، وإن زعم أن توقيعه مزور عرض على المختصين مع إعلامه أن ادعاءه التزوير وهو غير صادق يدخله في قضية أخرى هدفها تعطيل العدالة فيكون عقابه في حالة عدم صدقه مضاعفا، وفي الوقت نفسه لا بد من صدور تعليمات مشددة لجميع المتعاملين تجارياً وعقارياً بوجوب قبول الشيكات دون اشتراط كونها مصدقة وذلك حتى لا تتعطل أمور الناس أو يؤدي ذلك إلى اضطرار بعضهم للتعامل نقداً في شراء بعض احتياجاتهم من مجوهرات وسيارات وبضائع متنوعة، مع ما في ذلك من مخاطر مصاحبة للتعامل النقدي، والله ولي التوفيق.


* كاتب سعودي

mohammed.ah@mad568@gmail.com