-A +A
هاني الظاهري
بعد مرور 13 عاماً على بدء محاكمة قتلة الشهيد رفيق الحريري، وصلت القضية أخيراً إلى عنق الزجاجة، وزاد تأكيد ما كان مؤكداً لدى الادعاء في المحكمة الدولية من ضلوع محور الشر الإيراني، ممثلاً بذراعه الإرهابية في لبنان المسمى «حزب الله» في عملية الاغتيال الآثمة.

اسم مصطفى بدر الدين (الذي تزعم ميليشيا نصر الله أنه قُتل في سورية العام الماضي)، هو أكثر الأسماء تردداً في المحاكمة بصفته المتهم الأول والعقل المدبر لعملية اغتيال الشهيد الحريري، لكن معظم المتابعين لا يعرفون الكثير من المعلومات عن هذه الشخصية الإرهابية التي تعد من أكثر الشخصيات خطورة وإجراماً في المنطقة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وذلك بالطبع عائد لتسليط الإعلام الأضواء على شخصيات أخرى مرتبطة بعمليات إرهابية ضخمة كأسامة بن لادن والظواهري والزرقاوي والبغدادي، بينما الحقيقة أن مصطفى بدر الدين لم يكن في يوم من الأيام أقل خطورة وإرهاباً من هؤلاء.


لهذا الإرهابي، بحسب الوثائق والمعلومات المتداولة، أسماء وشخصيات متعددة منها (سامي صعب، إلياس فؤاد، إيلي فؤاد صعب، سامي عيسى، ذو الفقار، إضافة إلى الاسم الوارد في وثائق المحاكمة مصطفى بدر الدين)، ولذلك من المؤكد أن إعلان مقتله في سورية ليس سوى أكذوبة أطلقها حزبه الإرهابي، وسعى النظامان الإيراني والسوري وأذنابهما في المنطقة لتأكيدها كحيلة جديدة في مواجهة قضاة المحكمة الدولية، فبعد إعلان الحزب عن مقتله في مارس عام 2017، سارع السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم بتوجيه من بشار الأسد شخصياً إلى تقديم التعازي فيه عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية، وبعدها تقدم رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في طهران هاشمي رفسنجاني بتعازيه لمن وصفهم بأتباع أهل البيت في لبنان، وكذلك فعل زعيم تنظيم أنصار الله الإرهابي في اليمن عبدالملك الحوثي عبر برقية عزاء، وتبعه ما يسمى ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في البحرين ببرقية عزاء أخرى موجهة لحسن نصر الله. هذه التعازي الوهمية كان ينبغي أن تكون حقيقية وتصدر قبل أكثر من ربع قرن لولا الاحتلال العراقي للكويت مطلع التسعينات، فقد كان مصطفى بدر الدين محكوما بالإعدام في الكويت آنذاك باسمه الآخر (إلياس أو إيلي صعب) بتهمة تدبير هجمات إرهابية، لكنه نجح في الهرب من السجن عند دخول القوات العراقية للأراضي الكويتية، وأعاده حينها الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان في عملية استخباراتية غامضة. الأكثر دراماتيكية هو ما حدث خلال فترة سجنه التي دامت نحو 7 سنوات، إذ اختطف حزب الله الإرهابي 4 رهائن غربيين في لبنان للمساومة على إطلاق سراحه، وعندما لم يجد الأمر نفعا اختطفت مجموعة من مجرمي الحزب بقيادة عماد مغنية طائرة تابعة للخطوط الجوية الكويتية للمطالبة بالإفراج عنه، ولذلك فمن الجنون تصديق أكذوبة مقتله في دمشق، فإرهابي بهذه الخطورة والأهمية لإيران والحزب يستحيل أن يُزج به في معركة كهذه؛ إذ إن سياسة الحزب تعتمد إرسال أبناء الفقراء والمهمشين من أتباعها للموت في سورية وليس كبار القادة الإرهابيين.

* كاتب سعودي

Hani_DH@

gm@mem-sa.com