-A +A
بسمة إبراهيم السبيت BasmahES1@
حينما نجوب العالم ونسافر إلى أقاصي الدنيا، نعود محملين بكومة من القيم والمعتقدات والتأملات من كل بلد نسافر إليه، في كل عام أقطع تذكرة لبلد من بلاد الله الواسعة، أتحضر لشيء جديد أجهله ولا أعلمه، ولكني أكون متيقنة أنه سيكون نافذة ليّ على عالمي الداخلي، شغفي وحماستي ليس للسفر بحد ذاته، بل لتلقي رسائل المدن التي أسافر لاكتشافها، والتي سأحملها معي في طريقي للحياة.

في هذا العام كانت القيمة التي وصلتني «قيمة إيمانية» فيها تدبر وتأمل في جنة من جنان الأرض، الطبيعة الخضراء تعانقني وأصوات الشلالات والأنهار تتدفق بلطف إلى أعماق روحي. ولأول مرة أُلامس الطبيعة بجميع جوارحي، اتكأت على صخرة في طرف النهر غير مبالية بشيء، بدأت أتذوق عذوبة الماء فشربت منه حتى ارتويت، كانت الطبيعة تخترق جسدي تغسله وتنقيه، كنت أشعر أن روحي تحلق وقدميَّ ليستا على الأرض.


تنقلت بين هذه الجنان ولم أتعجل المرور كعادتي السابقة، فأصبحت استمتع بتفاصيل المكان، حتى أشعر أن طاقتي الروحية امتلأت منه، كنت أشعر بوجود الله معي أكثر وبقربه مني، كنت أدعوه وأرجوه وأنا في سفر، وكلي يقين من أنه قريب ويسمعني ولن يضيع تضرعي له في أقصى بلاد العالم، كنت أراه يدّخر لي أمراً جميلاً، وفي القريب العاجل سأفرح به، شكرته ورجوته أن يكون معي في حلي وترحالي، وأن يجعل لذة الشعور بقربه لا تنتهي وأن يملأ حياتي بالسكينة والطمأنينة.

كانت الرسالة التي قطعت لها تذكرتي لهذا العام مختلفة، بل عظيمة جاءتني مغلفة بغلاف روحاني، كانت فحواها أن الله معنا وقريب منّا ويسافر بنا في دروب الحياة، حتى نعرف طريقنا إليه أكثر وحتى نزداد تمسكاً به أكثر. وأجمل ما في رحلة هذا العام أني عثرت على مفتاحٍ من مفاتيح الروح.