-A +A
محمد آل سلطان
أحياناً يستخدم البعض مصطلحات ومفاهيم كبرى بطريقة «مكارثية» وكأنه يريد أن يدافع عن فكرته أو موقفه بإلقاء تهمة كبرى على من يعارضه أو يطالب بما يراه حقاً له باتهام خطير «كالعنصرية»! وهذا اتهام فاسد لا يقل عن العنصرية ذاتها في أشد وأسوأ صورها وأنواعها.. وأي عاقل يتفق أن العنصرية مرض خبيث متى ما تسلل لأمة أو وطن أو شعب فتته وجعله رمالاً تذروه الرياح، وأشعل فيه نيراناً لا ينطفئ أوارها في القلوب، ولذلك تسعى الدول المحترمة للمحافظة على وحدتها الوطنية إلى سن قوانين وأنظمة تنص على محاربة التمييز العنصري والكراهية مباشرة أو تتصدى عبر نظامها القضائي والاجتماعي لكل محاولات العدوى من هذا المرض الخطير وسواء كانت هذه العنصرية تمارس بين المواطنين أنفسهم.. أو مع غير المواطنين!

مقالي اليوم لا يتناول «العنصرية» بوضاعتها ووجهها القبيح بقدر ما أنا مهتم بالاتهامات التي يطلقها البعض تجاه الأبرياء والمتضررين على أنهم «عنصريون» عندما يطالبون بحق يرونه مستحقاً لهم أو يدفعون عن أنفسهم ضرراً يكاد يمزق حياتهم المعيشية!


وسأضرب لذلك مثالا عن حق العمل للمواطن في وطنه وحصوله على الأفضلية في ذلك وحمايته كل ما يمس هذه الحقوق بسن الأنظمة والقوانين وهذا حق تعترف به وتؤيده كل قوانين الدنيا والمنظمات الدولية وأنظمة حقوق الإنسان، وتصور أنه عندما يطالب أحدنا بهذا الحق المستحق لأي مواطن في بلده يواجه بسوط يقول له ببساطة وصفاقة.. أنت عنصري! لا تطرق هذا الباب ولا تتساءل ولا يحق لك أن تقول لماذا؟ ولماذا يوجد من غير أبناء وطني في هذا المكان أو ذلك الموقع؟!

هذه المكارثية التي يقابل بها السعوديون بعضهم بعضاً ليحدثوا بينهم حالة من الرهاب الثقافي تجلدهم بسوط الاتهام بالعنصرية هو انحناء وانبطاح غير مبرر لظروف وقتية ينبغي أن نعمل جميعاً لحلها وتجاوزها!

ينبغي أن يفهم المسؤول والسائل أن حق الحصول على عمل متاح وتتوافر خبراته ومؤهلاته لدى أبناء الوطن، ومتابعة من يشذ عن هذه القاعدة الأممية هو حق أصيل لا يمكن وصفه بالعنصرية الوقحة والكراهية المقيتة، إن التساؤل والاعتراض لا يعنيان بالتأكيد الاعتداء صراحة أو إيماءً على أي غير سعودي دعاه السعوديون للعمل بكرامة في بلادهم ولكن ينبغي ألا يجعلنا هذا ألا نواصل البحث والسؤال: هل يوجد سعوديون يحلون مكان هذا الشخص المحترم دون أن نجلد السائلين والمعترضين بسوط مكارثي يجعل الاتهام بالعنصرية قناة سوداء لتمرير الاعتداء على حق المواطن في بلده ووطنه.

لا يمكن أن أقبل كسعودي على سبيل المثال، أن تستعين جهة ما خاصة أم عامة، كما سمعنا مؤخراً بمستشار قانوني لا تتجاوز خبرته السنوات الثلاث ليكون مستشاراً قانونياً يمثلها بينما يتواجد على قائمة الباحثين عن العمل مئات أو آلاف المستشارين القانونيين المؤهلين من أعتى الجامعات العالمية.. نعم نقبل وندعو كسعوديين إلى استقطاب أفضل الخبرات في العالم لأجل أن يزيدونا ثراء معرفياً ومهنياً من خبراتهم، ولكننا لايمكن أن نكون عنصريين عندما نعترض على من يغتال حلم مواطن سعودي ويدمر حياته بالوقوف في وجهه بشتى أنواع الشروط المستحيلة لأجل أن يمرر قادما إلينا بشروطه الخاصة، ثم يصف من يعترض على ذلك بأنكم عنصريون وعليكم تغيير هذا السلوك.

* كاتب سعودي