-A +A
عيسى المشهدي
لستُ متحمساً لتصفح ذلك الخبر المستقبلي، والذي قد يحتوي على «تسييل أحد أكبر أصول GOSI للوفاء بالتزاماتها اتجاه المتقاعدين» وذلك بعد تعديل طرأ على المادة ٢٥ يقضي بعدم إلزام الدولة بسد العجوزات المتراكمة والمُرحّلة من سنوات سابقة جوهرياً والناتجة عن خلل غير مُعرّف من قبل GOSI على منظومة الاحتساب الكلية وعوائدها.

بين فترة وأخرى تصرح GOSI وبحذر شديد للمحافظة على استمرارية عمل الصندوق من خلال استثماراتها التي تمثل عوائده اليوم ما لا يتجاوز الـ ١١٪ من دخلها أو مصروفاتها الكلية؛ ولنتساءل هنا بروية، وماذا عن استمرارية الـ ٨٩٪ ؟، GOSI سيكون لها إجابة بالتأكيد وقد تتطرق لعوائد استثماراتها العقارية الجاري العمل عليها، وستتطرق أيضاً لملاءة ما يتم تحصيله من اشتراكات وكذلك إلى مساهمتها في تسكين الأيدي العاملة في استثماراتها، ولكن رجوعاً إلى الوراء وتحديداً قبل ٨ أعوام وافق مجلس الوزراء على تأسيس شركة حصانة المعنية بإدارة استثمارات GOSI لتحقيق التوازن المالي بين إيراداتها والتزاماتها اتجاه المشتركين، فهل تم الوصول إلى هذا المستهدف؟


سد عجوزات GOSI المتكرر من قبل الدولة بموجب المادة 25 يستوجب أن يكون حافزاً للنهوض بنفسها منظومةً وهيكلاً، ولكن ليس عكس ذلك بالتأكيد، معونات الدولة يستوجب أن نطلبها عند حالات الطوارئ فقط وليس لسد عجز ناتج عن منتجات غير محسوبة المخرجات، ومن ناحية أخرى كون GOSI جهة تنفيذية حسبما تصرح دائما فهذا لا يعفيها فقط بتصعيد العجز المالي وتحصيله دون الخوض بمسبباته عميقاً مع السلطات المالية والتشريعية ووضع حلول مستدامة وغير وقتية.

وفي ظل حديثنا عن سلطات الدولة، أحزنني فعلاً تمسك لجنة مجلس الشورى المالية بتخصيص إعانات في الميزانية العامة لتغطية العجز الدوري؛ لأن هذا يعني قبول الخطر الكامن وكافة مترتباته التي تصل مستقبلاً إلى بالون على ورقة الميزانية يتضخم وغير قابل للحركة، وأسعدتني مقترحات رفع الحد الأدنى لاشتراك العامل السعودي لتصل حتى ٦٠٠٠ لأننا سنرى انعكاساتها مالياً واجتماعياً على النسبة الأكبر من المشتركين ما يقارب ٨٠٦ آلاف مشترك وسبل دعم «هدف»، وأتمنى من المجلس مناقشة رفع القيود عن الحد الأعلى للمشتركين ليصبح ٤٥ ألف فأكثر إنفاذا لمبدأ التكافل الإسلامي أولاً والعدالة الاجتماعية ثانياً.

وأرى بأن عجوزات GOSI ناتجة عن مجموعة تراكمية من التسريبات التنظيمية وسوء التنبؤ، وسنحاكي أحد تلك القصور المسببة للعجز حسب دراستي الإكتوارية لمنتج التقاعد المبكر التي اعتمدت بها عمر بداية العمل بـ ٢٠ عاما والتقاعد المبكر بـ ٤٥ عاما ومعاش ٦٢٪ من متوسط آخر سنتين، واعتمدنا أيضا متوسط ٦ أفراد لعائلة المشترك ومتوسط ٧٤ عاما لعمر المشترك واتضح لي بأن إجمالي مساهمة المشترك ورب عمله (لفرع المعاشات) بصندوقه الاستثماري تعادل من ١٧٪ إلى 28٪ من إجمالي العوائد التي سيتحصل عليها حتى سن الـ ٧٤ عاما، بتساؤل هل فعلاً GOSI كفيلة حسابياً وتقنياً بالوفاء بالنسبة ٨٣٪ إلى 72٪ من خلال استثماراتها فقط ودون حصانة المادة (٢٥) ؟ وهل فعلاً مازال عجزاً اكتوارياً، أم سوء احتساب وتنبؤ للعوائد؟

وعطفاً على ما تم حله سابقاً من خلال المجلس، كرفع سن التقاعد فيمكننا اعتباره إحدى الأدوات لمعالجة العجز، ولكنه ليس حلاً جذرياً، بل تأجيل للعجز، وأرى هنا بأنه يمكننا إعادة دراسة جدوى منتج «الموت المبكر» وشروط التأهل وتقليص العدد الحالي بالشيكات الذهبية وأيضاً إعادة هيكلة نصيب الفرد بالعائلة، إذ إن ٣٠٠ ريال للفرد غير واقعية لعائلة معاشها فوق الـ ١٠ الآف وأيضاً مناقشة فرص الخصخصة الذهبية ولو جزئيا والحلول التأمينية لفرع الأخطار المهنية، والتي التهمت مصروفاتها ٥١٪ من إجمالي إيراداتها في ٢٠١٧، وفي السياق ذاته، وجوب اقتران معدل مخاطر نشاطات المنشآت بنسب مخاطرها المهنية، إذ إنه شتان بين نشاطي التشييد والبناء والتجارة، ومن ناحية أخرى مناقشة ضم المقيمين الدائمين كأزواج المواطنات وزوجات المواطنين العاملين لفرع المعاشات مع عمل الاتفاقيات اللازمة مع دولهم لتبادل المنافع.

Essa.almashhadi@gmail.com