-A +A
أنمار مطاوع
القطاعات الحكومية -بشكل عام- تتميز عن القطاعات الأهلية وتتفوق عليها في مجال قيمة تلك المشاريع و(فخامتها). لهذا تأتي وفرة الأجهزة والمعدات ومستلزمات الخدمات التي تقدمها الدولة لقطاعاتها. وهذا منطقي.. فالدولة تملك ميزانيات ضخمة تساعدها على ذلك النوع من التميز.. وتشجع القطاع الحكومي أيضاً على رفع مواصفاته لأعلى المستويات -وربما تتجاوز حاجة القطاع الفعلية- وهنا يعطي التميز نتائج عكسية.

من أمثلة التميز السلبي، أن جهة حكومية طبية قد تطلب أجهزة حديثة عالية التكاليف، وهي تعرف أنها ليست في حاجتها وربما تعرف أيضا أنها لن تجد من يقوم بتشغيلها. والدولة مشكورة توفر تلك الأجهزة للجهة. النتيجة، أن الأجهزة ستظل لفترات طويلة عبئاً على القطاع ومجرد (مزار) لأي مسؤول من داخل القطاع أو من خارجه.. ومفخرة للإدارة لامتلاكها ذلك الجهاز، بغض النظر عن مدى الحاجة أو التشغيل. فقط للاحتفالية.. والدعاية المواكبة لها.


وفي بعض الأحيان يتم طلب مستلزمات -أياً كان نوعها- دون النظر لكمية الاحتياج الفعلية.. أو حتى موازنة القطع المطلوبة؛ كأن يُطلب (100) قطعة من (س) و(100) قطعة من (ص): وواقع الاحتياج هو (20) من (س) و(140) من (ص).. وينتهي الحال بتكدس المخازن بقطع لا حاجة لها.. وفي المقابل نقص في قطع أخرى يترتب عليها تعطل مصلحة. وأخيراً يتم إتلاف القطع المتكدسة في المخازن وإعادة طلب المستلزمات مرة أخرى في مناقصة جديدة بنفس الكميات السابقة.. إهدار لا رقيب له.

ليس من باب زيادة الطين بِله.. ولكن الواقع في الإدارات الحكومية بشكل عام هو أن (الصيانة) لا ترقى لمستوى الميزانية التي صُرفت سواء على المباني والمشاريع أم الأجهزة والمستلزمات. لو تم عمل جرد فعلي للأجهزة في القطاعات الحكومية، ستجد الدولة نفسها أمام كم كبير من الأجهزة التي لا تعمل بسبب عدم وجود صيانة.. تكلفة عالية وصيانة أشبه بالمعدومة.

لا بد من محاسبة كل مسؤول قطاع عن تكدس بعض المستلزمات في مخازن قطاعه.. وعن سبب نقص بعض المستلزمات الأخرى.. ومساءلته عن الأجهزة التي لا تعمل.

أيضاً يجب عمل إصلاح جذري لآلية صيانة المباني والأجهزة والمستلزمات. فما يُعمل به حالياً من أنظمة خاصة بالصيانة يتضح لكل موظف حكومي عدم فعاليتها على أرض الواقع.. وهي -أي أنظمة الصيانة- تعتبر من نقاط الضعف التي تواجه برامج تحقيق أي رؤية أو أهداف لأي قطاع.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com