-A +A
محمد الساعد
في 25 يونيو 2013 اضطر أمير قطر السابق حمد بن خليفة للقيام بتنازل مر عن الحكم لصالح ابنه تميم بن حمد، أما ظروف التخلي «كرهاً» فلها ظروفها التي سنتناولها لاحقاً بعد أن نمر على الطريقة التي استخدمها للوصول لإمارة دولته، وكيف اختار أولياء عهده بعد ذلك قبل الوصول أخيراً إلى تميم.

مر حكم حمد بمنعطفات عديدة تعكس شخصيته وما تكتنزه من رغبات وطموحات تتجاوز الأخلاق والمنطق والمعقول، لعل أهمها اغتياله عمه سحيم بن حمد منتصف الثمانينات - حسب رواية ابن سحيم الشيخ سلطان - الذي كان الرجل الثاني في قطر وشريكا لأخيه الشيخ خليفة بعد توليه مقاليد الحكم إثر قيامه بانقلاب على ابن عمه في فبراير 1972.


كان اغتيال الشيخ سحيم تمهيدا داميا لوصول حمد بن خليفة للحكم وإزاحة أي مصدر تهديد قد يعيق تلك النفس الشغوفة مهما كان الثمن، وهو ما حصل لاحقا في العام 1995 فلم يعد حمد قادراً على الانتظار أكثر من ذلك ليقود انقلابا على والده ومصدرا أوامر بالقبض عليه عبر الإنتربول الدولي.

ضمن تكتيك حمد - المؤقت - وضع أخاه الشيخ عبدالله وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء، ولم ينس مكافأة مهندس الانقلابات حمد بن جاسم الذي عينه بدوره وزيراً للخارجية.

بقي عبدالله مجرد واجهة حتى أزاحه ووضع ابنه جاسم وليا للعهد، وحمد بن جاسم رئيسا لمجلس الوزراء، وكما يبدو لم يرق الأمر للمتنفذين داخل قصر الوجبة فتمت إزاحة جاسم واختيار تميم، على الرغم من أن تميم تورط في قضية كبيرة في العاصمة السويسرية جنيف كتبت عنها الصحافة الغربية، وكان يتوقع لها أن تقف في طريق صعوده لمنصب بهذه الأهمية الأخلاقية.

اختيار تميم لولاية العهد جاء نتيجة لتورط حمد بن خليفة الأب في محاولة اغتيال الملك عبدالله، والتآمر مع الزعيم الليبي معمر القذافي لإحداث فتنة داخل الأراضي السعودية، وكنتيجة لتسويات في المنطقة أزيح حمد ليتولى الإمارة الصغيرة ولي عهده.

كان يأمل حمد أن يكون التنازل مجرد استراحة بسيطة في طريقه نحو حكم العالم العربي كما كان يتوهم، كل ما فكر فيه هو أن ينحني للعاصفة السعودية ثم يعيد الكرة مرة أخرى، وهو ما حدث 2014 - 2017.

كانت كل حسابات بيدر «الخريف العربي» التي رسمتها «قطر حمد» مع الإخوان المسلمين وإدارة أوباما والإيرانيين تقول إن تميم سيكون محافظا للدوحة، وحمد ملكا على «الجزيرة العربية».

كان المخطط يمضي سريعا وداميا على الأرض، فمصر في أيدي مرسي والإخوان، والبحرين وسورية وليبيا واليمن وتونس تحت احتلالهم أو على وشك السقوط، والخونة والقطرجية في السعودية من حاملي الشنط ومتلقي الشقق وأموال الغاز الحرام يعملون ليل نهار لإحداث السيولة المطلوبة.

كانت البحرين واليمن والكويت والعراق هي حصة إيران، وسورية وشمال العراق والأردن والقدس الشريف حصة تركيا، أما قطر فقد كانت تمنياتها تتمدد باتجاه الرياض وأبوظبي وعمان والقاهرة وليبيا وتونس.

مسكين حمد من يراه في عز نشوته 2013 لا يراه اليوم مجرد خيال «حاكم». دعونا نستعرض ما خسره سياسياً وإستراتيجياً، رغم كل الأموال التي بذلها لصالح المشروع، وهل نجح أم أخفق.

في 15 مارس 2011 دخلت قوات درع الجزيرة بتوجيه سعودي للبحرين وقضت على انقلاب إيراني قطري وشيك، وفي مصر دافعت الرياض عن ثورة 30 يونيو 2013 التي حصلت بالمصادفة بعد تنازل حمد لابنه تميم بأسبوع واحد فقط، وفي سورية لم تترك قطر وتركيا تعبثان بمقدرات الشعب السوري، وفي ليبيا كذلك.

أما اليمن فكانت تنتظر المعركة الكبرى التي قادها الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حين تم القضاء على مشروع تحويلها إلى رافعة لهدم الدولة السعودية، حين تم تدمير كل مخازن السلاح التي أنشئت على خط الحدود السعودية منذ سنوات طويلة بترتيب ليبي قطري حوثي إيراني، والتي جهزت لإمداد عشرات الآلاف من المرتزقة والحوثيين الذين كان مخططا لهم القيام بغزو حدودي قدر له أن يبتلع عشرات المدن والقرى الحدودية من نجران إلى جازان، وتصوير ذلك على أنها ثورة داخلية كما حصل في سيناريو ليبيا، وبالطبع كانت ستتولى ترويج «المخطط» محطة الجزيرة ومئات من القنوات والصحف والمواقع الأجيرة.

* كاتب سعودي