-A +A
محمد أحمد الحساني
لا تعجبوا قليلاً أو كثيراً إن بلغ أسماعكم أو وقفتم شخصياً أو عن طريق معلومات موثقة بأن العديد من مديري الإدارات لا يبارحون كرسي الإدارة منذ دخولهم في أول الدوام حتى خروجهم من عملهم في آخر الدوام، ولذلك فهم قد لا يعلمون عما يدور في إداراتهم من تعطيل أو تسويف أو بيع أو شراء للذمم أو تمرير لمعاملات غير نظامية أو حتى نظامية ولكن بمقابل، ناهيك عما قد يسود غرف الإدارة وأقسامها من تراخٍ وانصراف عن العمل والاستغراق في أحاديث جانبية مع الزملاء أو بالهاتف مع الأصدقاء، هذا إن لم يأخذ بعضهم قسطاً من الراحة بعد تناوله إفطاراً دسماً وشهياً في زاوية من الإدارة فإن سأل عنه مراجع قال له زملاء «الراقد» موجود في الإدارة.. استرح حتى يعود لمكتبه فإن صدقهم جلس بالساعة والساعتين على أساس أن ذلك الموظف مشغول بعمل أهم، ليفاجأ بارتفاع صوت أذان الظهر من مصلي الإدارة أو مسجد قريب منها فينصرف لأداء الصلاة لعل الموظف يعود لينهي معاملته المعطلة هذا إن وجد من يوقظه لأداء الصلاة مع جماعة الإدارة.

وذات يوم سمعت موظفاً عريقاً في مجال الإدارة ينصح مدير إدارة عين في موقع له علاقة بالمراجعين والمراجعات بأن يقوم بين حين وآخر بجولة مفاجئة على أقسام وغرف إدارته الصغيرة، وهي جولة قد لا تستغرق سوى دقائق معدودة، فقد يجد ما يسر خاطره من إنجاز وعمل متفانٍ يجعله يعرف المنتجين من موظفيه فيعطيهم حقوقهم النظامية مادياً ومعنوياً وقد يجد ما لا يسره فيعمل على تلافي القصور ومحاسبة المهملين ويضع يده على المقصرين والمعرقلين والساعين إلى تعطيل المعاملات للحصول على مكاسب غير مشروعة، وقد يسمع على بعد أمتار شخير نائم فيظن أنه عجل له خوار، وقد يتعرف بعض المراجعين عليه فيسمع منهم ثناءً على إنجاز لمسوه أو ملاحظات على إجراءات أرهقت معاملاتهم، فتكون لديه حصيلة من المعلومات التي تساعده عن حسن أدائه لعمله في الإدارة وليس شرطاً أن تكون الجولة يومية بل بين فترة وأخرى وبلا مقدمات وفي أيام وأوقات غير محددة حتى تكون نتائجها واقعية.


وقد لاحظت أن الإداري الشاب كان يستمع لنصيحة الإداري المجرب باهتمام بالغ، وعلمت بعد ذلك أنه أخذ بالنصيحة فنجح وأعطى بسخاء وترقى إلى موقع إداري أعلى وسمع النصيحة إداري آخر فسخر منها قائلاً: هل يريدني «شيبوب» أن أدور على مكاتب الإدارة مثل «المدوان» فسالت المياه من تحته ووجد نفسه في نهاية الأمر مركوناً في المستودع مع الأثاث الرجيع التالف!

* كاتب سعودي

mohammed.ah@mad568@gmail.com