-A +A
أسامة يماني
مثل مترجم من الإنجليزية تعلمناه في الصغر يدل ويرمز على إصابة أكثر من هدف من خلال عمل أو تصرف واحد. وإصابة أكثر من هدف أمر مستحسن عقلاً وشرعاً قال تعالى «لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» والمكاسب الدنيوية لا تمنع من حصول أجر الآخرة، قال تعالى ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾.

السياحة الدينية تحقق منافع دنيوية وأخروية، وتحقق من ضمن ما تحقق دعوة رسول الله إبراهيم قال تعالى «رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ».


‏السياحة تعتبر من أهم مصادر الدخل الإنتاجي، حيث إن هذه الصناعة تخلق فرصاً وظيفية كبيرة وتساهم في حركة البناء والتطوير، ففي ظل ازدهار صناعة السياحة تشيد الفنادق العملاقة والعمائر السكنية والمرافق والخدمات والأعمال المرتبطة بها أو المكملة لها، وتتوفر فرص وظيفية للشباب.

‏إن السياحة الدينية تحقق منافع عديدة مباشرة وغير مباشرة فهي من الناحية السياسية تؤكد على قيادة السعودية للعالم الإسلامي، ومن الناحية الإعلامية تعتبر أقوى رسالة تصل للعالم الإسلامي لتدعم حقيقة أن السعودية رائد وقائد روحي للمسلمين، ومن الناحية الثقافية تحقق التلاقح الثقافي.

لو صرفت وأنفقت الدولة مليارات الدولارات فلن تحصل على جزء يسير مما تحصل عليه من خلال موسم الحج أو العمرة، سواء من الناحية الدعائية أو التعريفية بالمملكة، كما أن نقل الصلاة تلفزيونياً التي تقام في الحرمين الشريفين يطيح بملايين من الدعاية المضادة ضد السعودية وتجعلها هباءً منبثاً، وهذا النقل التلفزيوني الذي يصل إلى مئات الملايين من البشر يجعلهم أكثر ارتباطاً ببلاد الحرمين الشريفين وولاءً وعشقاً لمنبع الوحي.

إن السعي لفتح السياحة الدينية وعمل برامج سياحية ترضي كل الأذواق والميول، وتظهر التسامح الديني واحترام الاختلافات المذهبية وتطوير الطرق والأساليب الخاصة بالتعامل مع المعتمرين والزوار والحجاج يحقق عشرات الأهداف ويضرب أكثر من هدف سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وفوق كل هذا يحقق التلاحم والتقارب مع الشعوب الإسلامية، والتي تعجز أي قوى ناعمة عن تحقيقها، وتجعل كل الأعداء والحاقدين في موقف مكشوف، فالأعمال الجبارة التي بذلتها السعودية خير شاهد وخير دليل ورسالة يصل للآخر.

لقد سبق وأن ذكرت في مقال قبل سنتين أن مكة هي الحل اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وروحانياً، فهي دعوة أبينا إبراهيم وهي التي تكفل الله بإطعامها وأمنها وتسخير من يرعاها، فالحمد لله الذي وفق حكومة خادم الحرمين الشريفين للقيام والسهر على خدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوفه وخدمة بيته الحرام. مكة المكرمة والمدينة نعمة من الله منّ بها علينا، نعمة لا تنفد ولا تتغير ولا تتأثر بالأسواق العالمية. نعمة دائمة أبدية وأفضل مكان للاستثمار، فالعائد والمردود لا تحسبه أسرع الحاسبات الجبارة على كل الأصعدة. ففي الحرمين تصيب كل الأهداف وتأمن من كل الأعداء والحاقدين والمتربصين بالسعودية بلد الحرمين الشريفين. والحمد لله الذي أطعمنا من جوع وآمننا من خوف.

* مستشار قانوني

osamayamani@

yamani.osama@gmail.com