-A +A
عبير الفوزان
لا أعرف ما الذي دعاني للكتابة عن الموت في خضم الحياة!

ربما لأن الموت هو سر النهايات والوعد الصادق الذي ينتظرك على الضفة الأخرى، أو ربما هو بسبب الموت المتتابع الذي يطالعنا يوميا على صفحة تويتر ويطال أشخاصا عرفناهم، ثم فجأة اختفوا.. حتى لكأني بالموت هذه الأيام يطرق الأبواب بشدة وصخب.


ما الذي دعاني للكتابة عن الموت - الآن - على الرغم من أني أضحك.. أمارس الرياضة.. أزور صديقاتي القديمات.. أقرأ رواية «قواعد العشق الأربعون»، بعد أن قضت على رف مكتبتي سنوات ولم أقرأها لأنها لم تعجبني! أحدهم، ممن يجيدون اقتناص اللقطة، قال ردا على تغريدة كتبتها عن الموت «أحببت أن أودعكِ، لقد أحسستُ أنك حاسة بالنهاية»، فشكرته على الوداع. لو كان الموت لبقا معي كرجل يجيد المناورة بلباقة، لمنحني فرصة لأكون لبقة أنا بدوري في وداع الجميع، فلا يأخذني على حين غرة كما أخذ الفنان ياسر المصري، أو خبيرة التجميل د. رفيف الياسري.

الموت وهو قدرٌ.. هو أحيانا حل، وأحيانا أخرى هروب، أو عقوبة، حيث يكون المُعاقِب جاهلا بماهية الموت أصلا، ووقعه بعد الانتقال إلى رحلة الفناء، هو بالنسبة إليه مجرد غياب فقط. فماذا لو أدخلنا النظرية الفيزيائية (تأثير الفراشة) في قالبها الفلسفي على ظاهرة الموت، حيث يرتبط الموت ببعضه.. فانتحار تاجر مخدرات من كولومبيا - مثلا - قد يؤثر في حياة إمام مسجد في غزة، أو وفاة طفلة صينية زلت قدمها في النهر يؤثر في حياة امرأة من الصعيد الجواني، في مصر، فهل عندها سأجد إجابة لسؤالي.. ما الذي دعاني للكتابة عن الموت، بعد أن أتخيل التأثيرات اللاحقة على الموت المتتابع؟!

عموما.. نحن نموت من الحزن.. نموت من القهر.. نموت من الألم.. وهناك أيضا من يموت من الدهشة عندما يواجهه وجه الموت غير اللبق.

* كاتبة سعودية

abeeralfowzan@hotmail.com