-A +A
ليلى سالم LooleAlharbi@
هناك في ذلك المكان أحببتُ كل شيء، أعطيتُ من عمري، من وقتي، من جهدي، لم أشعر بقيمة العطاء حينها، حتى ظنوا وتصوروا أنه شيء من حقهم أن يسلبوا مني كل ما يريدونه دون مقابل، دون أن يكلفوا أنفسهم حتى عناء السؤال والاطمئنان. إن ما تعجبتُ منه وما عايشته شيء يشبه الاختناق تماماً، حدث أن ألقتْ بي الأقدار في مكانٍ ليس بمكاني وحياةٍ ليست بحياتي وأناس لا يحملون طباعي، ألقتْ بي في عالم صعب مخيف يحمل أناساً غريبي الأطوار، أسلوبهم يشبه التسلط تماماً وكأنهم ملكوا الدنيا وهم لا يزالون متقوقعين في عالم بعيد عن الوجود، كنت أريد أن أفهم ما يجري حولي، ولكن شيئاً ما يحاول أن يبعدني فأصبحتُ أتجاهل بعض الأمور، وكنت أرى بعين الذهول الاستغلال وعدم المصداقية. كانوا يتصيدون الأخطاء، كنت دوماً أترفع عن الحديث معهم والرد عليهم، وبعد مدة أدركتْ ولكن متأخر جداً أن تلك الفئة التي كنت أتعامل معهم نال منهم الزمن، وتلقوا الصفعات المؤلمة فأصبحوا يبحثون عن أنفسهم بهذه السبل ظناً منهم بأنهم سيجدون ما يبحثون عنه.

ما زالوا يحاولون الصعود على أشخاص عابرين بسلام يحدوهم الأمل لطموحهم الذي يرتقبونه، يريدون أن يصعدوا على أكتاف غيرهم إلى قمة لا وجود لها إلى عالم مزيف، يريدون أن يمزقوا كل من يقف في طريقهم، أنيابهم حادة وألفاظهم قاسية، يبحثون عن أنفسهم بواسطة التسلق على الغير، صدقوني كل هذا يحصل لأنهم لم يصلوا إلى الاكتفاء الذاتي، فمن يصل يكون راقياً في التعامل وفِي طريقة الأخذ والعطاء وتبادل المنافع. الحل الوحيد هنا أن تنسحب بهدوء وتترك عالمهم لهم، أرحل دون أن تلتفت للوراء، ارحل ودع كل شيء خلفك، دعهم في زيفهم يتلاعبون، دعهم ينالون ما يبحثون عنه ونحن لنا الرفعة وستكون حياتنا أسمى وأرقى لندع تلك الشعارات لهم، فشعارنا الحقيقي يكمن في داخلنا، ومشاعرنا غاليه علينا لن نسمح بأن يعبث بها الجبناء. وفي النهاية هناك أشياء نتمنى أننا لم نعرفها ولَم نجربها وأشخاص نتمنى أننا لم نقابلهم ولم تجمعنا بهم طرقات عابرة فتباً لكل من حاول الصعود على غيره دون وجهه حق، تباً لهؤلاء الذين يخفون المصداقيه ويتخلون عن مبادئهم بسبب مآرب أخرى في داخلهم، فقط ابتعد وانظر ماذا سيفعل الزمان بهم، وكيف سيؤخذ بحق الأبرياء، فربك يُمهل ولا يُهمل.