DSC_2859 copy-2
DSC_2859 copy-2
-A +A
علي المطوع alaseery1990@yahoo.com
كلنا نذكر بلاتر عام ٢٠١٠ عندما فتح ورقة البلد المرشح لتنظيم كأس العالم ٢٠٢٢، تسمر الجميع حول الشاشات حتى صاح بلاتر مدويا: كأس العالم ٢٠٢٢ في قطر، قفز الأمير السابق من مقعده يعانق نجليه وبعض حاشيته احتفالا بلحظة فارقة، وفخر بزمن قادم يبعد عن تلك اللحظة اثني عشر عاما متواصلة.

تفاجأ العالم بهذا الاختيار، كيف جرأ أمير قطر أن يحضر تلك اللحظة ومعه أسرته ووزراؤه وحاشيته دون أن يضرب حساب أن يتجه سبق التنظيم إلى دول أخرى، منافسة وقوية لها باع طويل في مثل هكذا منافسات!؟.


يبدو- بعد أن تكشفت الأمور- أن الأمير السابق، كان قد أُعطي ضمانات تؤكد أن بلده هو الذي سيفوز بشرف التنظيم!

كلنا نذكر حالة الوجوم التي سادت القاعة لدرجة جعلت الشيخ حمد نفسه، يطلب من الجميع التصفيق والاحتفال بهذا النصر الذي لم يتوقعه أحد، ولكنّ الشيخ ومرافقيه كان حضورهم قبلا وبهذه الكثافة يؤكد أن الأمور ستسير وفق ما آلت إليه لاحقا!.

هذا الحدث كان وما زال مفصليا فى تاريخ قطر وأدبيات تعاطيها السياسة مع الجوار خاصة، ومع العالم أجمع، فالملاءة المالية لقطر جعلتها ترى كل القضايا المختلفة بيعا وشراء، مالا وثمنا، وإن مالا جلب شرف استضافة كأس العالم سيأتي حتما بشرف ثان وثالث وهكذا.

إن نغمة تدويل الحج التي يرددها القطريون أصالة أو عبر وكلائهم المنتهي مصيرهم بالتمليك والنسيان، تأتي في سياق ذات المفهوم البيع والشراء، والدفع والتنازل، فقطر وساستها يرون وفق أفقهم المادي البحت أن شرف تنظيم الحج لا يحتاج إلا إلى دولارات وتعبئة عامة تهيج المسلمين البسطاء على الشعب السعودي وقيادته وجهودهم الجبارة لإنجاح موسم الحج كل عام، ثم يأتي بعد ذلك شرف يحلمون به وهو الإشراف على الحج والقيام على شؤونه وشجونه، كل ذلك وفق قواعد المال ووفرته وسياسات البيع والشراء، فقاعدة ادفع وسيوافقون ثم يأتون كانت وما زالت نهج قطر فى الحصول على ما تريد دون أي رادع عملي، يشعرهم بخطورة موقفهم حيال التلاعب بهكذا قضايا تمس الأمة في أقدس أمورها وهي العقيدة.

وما يدريك أن تجربة كأس العالم بكل مظاهرها الفرائحية والشرفية قد زادت من شراهة القطريين في التعاطي مع أي ملف حساس بتلك الطريقة حتى وإن كان الحج، خصوصا أنهم نهجوا نهج أبرهة في بناء كعبة موقرة، التي أصبحت وفق الوفرة المالية والملاءة الدولارية مهوى أفئدة المخالفين والذين يعرفون في الفقه السياسي القطري بالمضيومين الذين يؤمونها من كل مكان، طمعا في حق إقامة دائمة ومنصة إعلامية يهاجمون من خلالها الجوار، وفوق هكذا أعطيات وهبات تنقل هؤلاء من ضيق الرزق وعسره وعشره، إلى أوسع أبوابه وأيسرها.

الحج وإدارته قدر إلهي يؤتيه الله من يشاء، وليس منافسة كروية تحشد لها الهبات والأعطيات للظفر بها، الحج مسؤولية أمام الله ثم التاريخ والمسلمين، وليس مجرد رحلة بطائرة خطوط محلية محملة بمليارات الدولارات -الكاش- لشراء ذمم أو دعم منظومات مشبوهة. الحج شرف مكان وزمان، وقدر قيادة وشعب يرون في هذا المنسك وشعائره واجبا دينيا وأخلاقيا تفرضه العقيدة قبل الواجب والشرف والمسؤولية.

كأس العالم تظاهرة كروية عالمية لاشك في ذلك، ولكن شرف استضافتها لطخته تهم الفساد هنا وهناك وضحاياها كثر منهم من قضى نحبه الوظيفي وحرم من كل المناصب الرياضية طوال حياته، ومنهم من تنتظره الأيام القادمة بمفاجآت مدوية قد تبخر حلم الاستضافة وتجعلها مجرد سراب.