-A +A
هاني الظاهري
قبل أيام أُميط اللثام عن عدد من المبادرات المميزة في محافظة العلا التي تضم أكبر متحف مفتوح في العالم، وتمثل ركناً أساسياً في الرؤية السعودية للسياحة في المستقبل، وهي برأيي مبادرات تمثل خطوة أولى في قفزة العلا إلى عام 2030، وتستهدف تأسيس القاعدة الأساسية لهذا الحلم عبر التنمية المحلية الشاملة وبناء القدرات البشرية للمكان قبل المكان نفسه.

خمس مبادرات أطلقها سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزيرالثّقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مجتمع العلا تحديداً هو من سيقوم بالدور المحوري في تنميتها، وهذا استحقاق أكدت عليه رؤية 2030 منذ الإعلان عنها، ولعل أهم المبادرات الجديدة برنامج الابتعاث الدّولي الذي يقدم فرصاً واعدة لشباب العلا وفتياتها للالتحاق ببرامج تعليمية عالمية المستوى في نخبة من المؤسسات الأكاديمية العالمية في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، ودول أخرى حول العالم، فإن كنا نريد أن نستقطب السياح من بقاع الدنيا لابد في البداية أن نضمن لهم تجربة إرشادية جيدة على يد أبناء المحافظة الذين سيكونون سفراء التراث العريق ومفاتيح أسراره والعلامة المميزة والفارقة في التجربة السياحية للعلا، وهذا يستلزم تنمية مهاراتهم ومعارفهم وفق أفضل البرامج التعليمية الدولية.


مبادرة أخرى لا تقل أهمية عن برنامج الابتعاث أطلقتها الهيئة تتمثل في تأسيس مجلس لأعيان المحافظة، على أن يعقد هذا المجلس (الاستشاري بطبيعته) اجتماعات فصلية تركز على مناقشة الفرص والتحديات المحلية، إذ سيمكن قيادات مجتمع العلا من ممارسة دورها الاجتماعي والتنموي عبر طرح الآراء وتقديم المقترحات والحلول المتعلقة بتطوير البنية التحتية للمحافظة، وهذه خطوة تؤكد على مبدأ الشراكة المجتمعية، ومن شأنها أن تستفيد من خبرات أهالي العلا ومعرفتهم بالأرض التي نشأوا فيها واحتياجاتها الحقيقية.

ولأن إشراك المجتمع المحلي في صناعة مستقبل العلا لا يتوقف على الرأي فقط، تأتي إلى جانب المبادرتين السابقتين مبادرة مهمة تتمثل في برنامج حماية التراث وهو برنامج من شأنه الدفع بأبناء العلا إلى الميدان لحماية التراث الثّقافي والطبيعي في محافظتهم، إذ يوفّر بحسب المعلن نحو 2500 فرصة عمل جزئي للمواطنين من أهالي العلا، ما يسهم بلا شك في تحسين حياتهم وينعكس على خدمة الطبيعة التراثية والسياحية الخاصة للمحافظة، ويسهم كذلك في خفض نسبة التعطل عن العمل بين الأهالي وهذا من أهداف رؤية 2030 الرئيسية.

والحق أن جميع المبادرات التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا بقيادة محافظها أمير الثقافة ليست سوى تجسيد حقيقي للتحرك الكبير نحو تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 وقفزة أولى تتبعها بلا شك قفزات نحو الغد الذي يحلم به السعوديون وهو أمر يستحق الشكر والتقدير والإشادة، ولا ننسى قبل ذلك أن نقدم التهنئة لأهالي العلا ببدء إطلالة شمس المستقبل على محافظتهم.

* كاتب سعودي