-A +A
علي بن محمد الرباعي
اقترن حجي بحجية مطلع شهر القعدة ولَم يكمل ثلاث ليال حتى طلب منه والده السفر للعمل في الحج، وأوصاه بالذهاب فوراً لشيخ (الشبريات)، وأوصاه، يقول «أبي يسلم عليك، وترى الوتد مكان العمود» فهم المكاوي الرسالة، وقال: الله يكشف حالك وحال أبوك إنته ياواد قصير وعمال الشبريات كلهم طوال، فعلّق حجي: ما نقص من طولي يوفّيه ذراعي، قال المكاوي: ما دام ذراعك يوفي خليك معايه تزبط لي الشيشة وتصب الشاي وتهفني بالمهفة وقت النوم.

لم تهدأ (حجيّة) طيلة أربعين يوما، ومنذ عيد اللحم تقضي معظم وقتها فوق السطوح وعمها أبو حجي يحتج عليها مردداً (عليك باسم الله وع اللاس فوقك) فتردّ (كلن نهار العيد عايد حبيبه، وأنا حبيبي ف الحرم يلتوي به)، فيعلّق الله ربنا وربك.


عاد معظم الحجاج وحجي ما عاد، احتفت القرية بالعائدين، وتنشّد أبو حجي عن ابنه، قالوا: سافر مع عمه المكاوي مصر، فلم يحتمل ما سمع، وواعد الجمالة لنقله إلى مركز بيدة، ومنها إلى الطائف في شاحنة خمسة أطنان، وبعد أيام عناء، وصل مكة، تخبّر عن ابنه، فلم يجد له أثراً، (أرض تقرأ وأرض تسبّح)، كان عدد من المكيين كلما رأوا حالته رددوا «الله يكشف حالك وحال حجي اللي دوختنا بيه، الواد مع عمه مصطفى في أم الدنيا، مبسوط وآكل شارب مستحمّى، إيش القلق اللي راكبك يا بني آدم»، طلبوا له الشيشة والبراد أبو أربعة وأسقوه من «الزير»، وقالوا: يا حجي كبّر دماغك، الواد انفتح له طاقة ليلة القدر، (مصطفى) خيره كتير بالمرّة، ولا ولد ولا تلد، والخير حيصب كله في غبانة حجي.

تأخر أبو حجي في مكة فلجأت حجيّة إلى سيدة تخط في الطحين، وتبشر الزوجات بأن أزواجهن قادمون، وترفع صوتها (أنحاهم طالعين الجبل، أنحاهم نازلين الوادي).

كان أحد الحجاج العابرين حيّالاً، فطلب من حجية (مصاغها) وأن يردّ عليها زوجها، وافقت، فقام بتعليق مدريهة في كلاب الزافر ولقنها تقول «درّهي مدريهتين، جالها حبل وثيق، درهي بي في الفجاجي، واخرجي من حج ياجي، يا مبشر بالحجيج، بشارتك بشارتين، بشارتك حسيلة، بسلسلة طويلة»، وحذّرها بأن لا تخرج من البيت إلا بعد شروق الشمس، فالتقط الحسيلة وسرى وحجية فوق مدريهتها.. علمي وسلامتكم.