-A +A
ماجد قاروب
أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرا جديدا تُقيّم فيه مناخ الاستثمار والأعمال في المغرب، أكدت فيه أن ضعف فعالية القضاء التجاري ونقص خبرة القضاة يعيق تطور العدالة التجارية والتأسيس للمنافسة الشريفة بين المستثمرين.

وسلط التقرير المنشور في الإعلام المغربي الضوء على الكثير من الجوانب المُعيقة للاستثمار من بينها انتشار الرشوة والبطالة، مشيرا إلى أن عدم فعالية المحاكم التجارية وبطء أعمالها وعدم تنفيذ مقتضيات أحكامها من المعوقات الهامة وراء تذبذب أسهم المغرب في عالم الاستثمار.


وأشار التقرير أيضا إلى أن عدم كفاءة القضاة وغياب الخبرة الكافية في تدريبهم على ممارسة القضاء التجاري يحول دون فعالية القوانين التي يصدرها البرلمان، وبالتالي الفشل في حل النزاعات التجارية في البلاد.

كل هذا يؤكد على أهمية القضاء التجاري على مستوى العالم في تحسين بيئة ومناخ الاستثمار الأجنبي والوطني.

والقضاء التجاري كان مجتمعا تحت قبة واحدة لدى هيئة حسم المنازعات التجارية بوزارة التجارة، وكان الأساس لديها نظام المحكمة التجارية، وبانتقال الاختصاص إلى الدوائر التجارية بديوان المظالم كانت هناك عشرات اللجان القضائية فلم يخل نظام من تشكيل لجنة قضائية، ولم تخل وزارة أو هيئة حكومية من لجنة قضائية أو أكثر، وأصبح الاعتراض على قراراتها أمام ديوان المظالم.

والآن ورغم اختصاص المحاكم التجارية بوزارة العدل بالقضاء التجاري، نجد أن معظم اللجان القضائية ما زالت تفصل في المنازعات المتعلقة بالعمل التجاري والاقتصادي والمصرفي والاستثمار المحلي والوطني خارج إطار المحاكم التجارية واختصاصها، وبالتالي فهي ما زالت معنية بجزء غير يسير من القضاء التجاري بالرغم من وجود مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء من عشر سنوات.

إن العالم يراقب ويتابع تطوير القضاء وتأهيل وتدريب القضاة في المحاكم التجارية وغيرها من المحاكم والأجهزة التي سيتعامل معها المستثمر؛ وهو المعني بالتعامل مع المحاكم التجارية والعمالية والجزائية ومعها الأجهزة الحقوقية والأمنية وفي مقدمتها الأمن العام والنيابة العامة؛ نظرا لتواجده في الوطن بعد الحصول على التراخيص الاستثمارية، لذلك فهو يتطلع إلى السهولة في التمكن من معرفة القوانين وسيادتها ووضوح وشفافية القرارات، خاصة إذا كانت أعماله تتعلق بالتأمين أو الملكية الفكرية أو أسواق المال؛ لأنه لن يتحمل اختلاف الرؤية بين وزارات مثل التجارة والإعلام أو هيئات مثل الترفيه والثقافة أو مؤسسات مثل النقد وبين القضاء وبخاصة التجاري.

ويحتاج منسوبو منظومة القضاء وهيئة النيابة العامة إلى تدريب نوعي حقيقي ومتخصص ومحترف وفق أعلى مستويات الجودة العلمية والعملية على مجمل القوانين بشكل عام الاقتصادية والمالية والتجارية والجزائية وعلى السوابق القضائية والمبادئ القانونية بشكل خاص، ليؤتي التدريب بثماره ويصبح القضاء العادل وسيادة القانون والنزاهة الحقة والشفافية من عوامل جذب وتوطين الاستثمارات الوطنية والأجنبية على حد سواء.

وكل عام وأنتم بخير. وعيدكم مبارك.

* محامٍ سعودي