-A +A
أحمد عجب
من الواضح أن شركة الكهرباء تشعر بالذنب تجاه المشتركين بفعل تضخم فواتير الاستهلاك الشهرية، لكنها بدلاً من الاعتراف بخطئها والبت في تظلمات أكثر من 5000 مشترك، قدحت من رأسها فكرة ارتجالية غير مسبوقة، حيث أرسلت لأغلب المشتركين لديها رسالة تحت عنوان (تم تسجيلك تلقائياً في برنامج تيسير)، هذه الرسالة القصيرة ظاهرها الرحمة وباطنها الإمعان في زيادة تعرفة الخدمة، فهي وإن كانت تسمح لك بسداد مبلغ شهري ثابت حتى نهاية 2018 بدلاً من سداد كامل قيمة الفاتورة دفعة واحدة، إلا أنها ستضعك في نهاية النفق أمام صخرة كبيرة يصعب إزاحتها حين تعاود مطالبتك بالفرق بين ما سدد والرصيد الفعلي !؟

لهذا فإن تسجيلك تلقائياً ببرنامج سداد يعد إجراء غير نظامي، لأنه يفتقر إلى عنصر (الرضا)، فالشركة وإن أبدت الإيجاب على تقديمها الخدمة، إلا أنها أغفلت القبول الصريح والمسبق من المستهلك، وهذا غلط مانع يبطل الالتزام بطلاناً مطلقاً.


إن أي تعاقد بالدنيا يحتاج لالتقاء إرادتين قبل أن يخرج ويحدث أثراً قانونياً، أما مسألة التغرير بحمل الإنسان على الموافقة الضمنية، فهو أمر لا يوجد له سند نظامي ويمكن الطعن فيه بأي مرحلة، عوضاً عن أن الكثير من الناس قد أهمل فتح الرسائل النصية القصيرة بعد أن تشبع ومل من هذر الدعايات والمستشرفين، كما أن المستهلك للكهرباء ليس كالفتاة القاصر التي يسألها أهلها عن مدى قبولها بالشاب الذي تقدم لخطبتها فتطرق حياء قبل أن تحمل صينية الشربات وتهرول مسرعة للمطبخ، فيفسرون تصرفها هذا بأن (السكوت علامة الرضا)، وحين تتأزم حياتها الزوجية وتشتكي يقال لها إن الزواج تم بموافقتك و(ما أحد ضرب على كفك)!!

حسناً، إذا كان الأمر كذلك، فلنستعد في قادم الأيام لحزمة من الالتزامات المادية والاجتماعية، فقد يلقى هذا الإجراء رواجاً كبيراً، إن لم يتم وأده في المهد، قد تتصل بك وكالة السيارات لتبلغك بحلول موعد سداد قسط السيارة التي لا تعلم متى اشتريتها، قد يتصل بك البنك ليبشرك بتحويل كامل قيمة القرض الذي لا تعرف عنه شيئاً لحسابك، قد تتصل بك (سمة) لتخطرك بوضع اسمك بقائمة (البلاك لست) لتعثرك في سداد أكثر من جهة، وقد يختتم مركز النشاط الاجتماعي هذه البشائر باتصال يحيطك فيه علماً بسرعة لبس المشلح ومحاولة الخروج من البيت سراً لاقتراب موعد زفتك بحفل (الزواج الجماعي) بعد أن (تم تزويجك تلقائياً)!؟