-A +A
هيلة المشوح
عمد بعض السعوديين منذ سنوات عدة على قضاء إجازة الصيف -وفي مثل هذا الوقت - في مدينة طرابزون التركية التي تقع على شاطئ البحر الأسود شمال شرقي تركيا وتحفها جبال زينغانا بسفوحها الخضراء والطبيعة الآسرة والجو المعتدل، وهذا أمر طبيعي في حدود السياحة والتمتع بالأجواء والطبيعة الخلابة، ولكن غير الطبيعي أن يرتبط هذا العشق لهذه المنطقة بالهجوم على كل منتقد لسياسة تركيا والاحتقان والحماس في صد وتكذيب أي خطأ سياسي تقترفه يتعارض ومصالح منطقتنا ناهيك عن الحديث عن تاريخ تركيا الاستعماري الذي تسطره كتب التاريخ ووثائقه، فحين يفتح هذا الملف الاستعماري تنهال الهجمات ويستميت بعض الحزبيين في إنكار التاريخ وترسيخ فبركاتهم التلميعية!

البعض يدافع ببلاهة أو حسن نوايا متأثراً «بطراوة» لحم الخرفان وشدة «خضار» ثيل طرابزون، والبعض يدافع بحزبية مقيتة كون تركيا فتحت أبوابها لكل إخواني مارق بعد أحداث الربيع العربي المشؤوم وآوت بعض الهاربين والمطلوبين للعدالة على ذمم قضايا أمنية كبيرة. والنوع الأول هو محور حديثي هنا ممن نجدهم مفلسين سياسياً وتاريخياً، ولكنهم على أهبة الاستعداد للهجوم على أي طرح ينتقد تركيا ولو على حساب وطنهم، وهؤلاء يجب أن يعلموا بأن الحياة تكامل بين عناصر متعددة، والسياسة لا شك على رأسها، فخرفانهم اللذيذة وطراوة الجو والثيل ورذاذ أمطار طرابزون ليست كل شيء في الحياة، ولن يمنع ذلك من نقد تاريخ تركيا وحاضرها دون المساس -طبعاً- بالكباب والكنافة، فلو استحضرنا -مثلاً- موقف تركيا من حادثة التزاحم في حج 2015 «المفتعلة» بقصد تدويل الحج والبلبلة حول جهود المملكة، فهذا لوحده كافٍ وكفيل بأن يغصوا بخرفانهم!