-A +A
حمود أبو طالب
سنمضي اليوم في الحديث عن الحج؛ لأنه موضوع كبير وخصب وخاص؛ ولأن هناك جوانب كثيرة تتوجب تسليط الضوء عليها وإبرازها للعالم، بل إن هناك بعض المواطنين لا يحيطون بالمعلومات الدقيقة حول بعض الخدمات المقدمة للحجيج وتعقيداتها وكيف حولتها المملكة إلى منجزات ضخمة ومتطورة يضاف لها الجديد كل عام.

من واقع تجربة سوف أشير إلى جانب واحد كان لي شرف المشاركة فيه خلال أعوام سابقة وهو الخدمات الصحية في الحج، هذا الجانب يصعب تصور أمرين فيه حتى لبعض الممارسين الصحيين إذا لم يعيشوا التجربة عمليا، الصعوبة البالغة في ضمان حج خال من الأوبئة وتجاوز هذه الصعوبة بتميز. إن ضمان بيئة صحية جيدة لعدد يقارب أحيانا ثلاثة ملايين شخص منذ وصولهم إلى مغادرتهم ليس مهمة عادية، إضافة إلى ذلك فإن توفير مستشفيات ومراكز صحية بأعلى التجهيزات في المشاعر المقدسة لتقديم كل مستويات العناية الصحية وتعمل خلال موسم الحج فقط لهو أمر لا يحدث في أي مكان آخر في العالم لتكلفته الباهظة وصعوبة ضمان استمرارية هذه المرافق بحالة جيدة بقية الوقت الذي لا تعمل فيه.


في الفترات التي شاركت فيها كان عدد الكوادر الصحية العاملة في الحج بمختلف فئاتها يصل إلى ١٢ ألف شخص، وحتما فإن العدد أكبر بكثير الآن. وقد كان وما زال الاستعداد لكل موسم حج يبدأ فور انتهاء الموسم السابق وطوال العام. هل يتخيل أحد إجراء عمليات قلب مفتوح وقسطرة وجراحات كبرى في المخ مجانا للحجاج، وكل عملية من هذه تكلف مبلغا ضخما، وهل يتصور أحد أن بعض الحجاج يؤجلون علاجهم المكلف في بلدانهم لأمراضهم الخطيرة كي يأتوا للحج ويتمتعوا بالعلاج المجاني.

مثل هذه القصص مفعمة بالإنسانية ومثيرة للإعجاب والفخر ويجب أن تُنقل للعالم ليس من قبيل المن وإنما لتوضيح المسؤولية الكبيرة التي تستشعرها المملكة وتتحملها باقتدار تجاه حجاج بيت الله الحرام.