-A +A
عبده خال
يتجه العالم نحو تخفيف أعداد المسجونين، لأن تكلفة السجين الواحد تتحمله الدولة بقصدية الإصلاح والتهذيب، في حين أن أغلب المساجين يمكن معاقبتهم واستصلاحهم بأعمال عديدة داخل مناشط الحياة تحقق الجانبين التهذيب والإصلاح.

كنت راغبا في الحديث عن تجفيف نزلاء السجون، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة جرائمهم في الحد الأدني من الأضرار، والتي يمكن تغيير العقوبة بدلا من السجن إلى أعمال اجتماعية يؤديها السجين وهو تحت ملاحظة إدارة السجون، من خلال الأسورة الإلكترونية، التي أثبتت نجاعتها في كثير من الدول حول العالم... وكذلك تحوي السجون أعدادا كبيرة من جنسيات مختلفة، فما هي الجدوى أن تظل هذه الأعداد الكبيرة داخل السجون في حين أن الدولة سوف ترحلهم بعد انقضاء محكوميتهم.


***

وأثناء كتابة مقالة اليوم راعني خبر السجينات السعوديات اللاتي يرفض ذووهن استلامهن بعد انقضاء محكوميتهن.. وهو الخبر الذي تحاول وزارة الداخلية إحياء توصية سابقة – كي تعرض على مجلس الشورى - بشأن إطلاق سراح السجينة دون اشتراط موافقة أو استلام ولي أمرها.

وأعتقد أن هذه التوصية لا تحتاج إلى تشريع، فهي من اختصاص إدارة السجون، وإن كانت هناك موانع اجتماعية فإن سجن السجينة بعد انقضاء محكوميتها يعد اختراقا للنظام، وإذا كان نظام السجن ينص أنه «لا يجوز أن يبقى المسجون أو الموقوف في السجن بعد انتهاء المدة المحددة في أمر إيداعه»، وهو نص واضح المعالم، وإن كانت ثمة ظروف اجتماعية سابقة تشرط تسليم السجينة لولي أمرها، فإن المتغيرات والتشريعات الحالية تمنح المرأة كامل الحقوق والأهلية ولا يجوز حجر المرأة بسبب تعنت ولي الأمر، فإذا كان ولي الأمر هذا قد تبرأ من تلك السجينة، فهل تبقى بقية العمر داخل السجن؟

وكنت أظن أن إدارة السجون قد استطاعت التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في إطلاق سراح السجينة ورعايتها من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وكذلك جمعيات كثيرة تسهم في تلك الرعاية.

وإذا فرضنا أن هذا الحال كان ولا يزال قائما فهذا يعني أن بعض السجينات تقبع داخل السجن من غير عقوبة، وهو الأمر الذي يعد اختراقا من قبل إدارة السجون لأنظمتها.. وأجدني ألوم صمت جمعية (وهيئة) حقوق الإنسان عن هذا الوضع الذي يعتبر انتهاكا لحقوق هؤلاء السجينات.. ويعد أيضا من أوليات الجهات المعنية بتطبيق حرية الفرد والدفاع عنها.