-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
لم يعد الهياط والإسراف في الولائم وإهدار النعمة سلوكا خاصا بصاحبه ولا يجوز أن يبقى كذلك، فالعقوبة الإلهية قد تكون عامة إذا أخذنا الله بما فعل السفهاء منا، ونسأل الله أن لا يؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا، لكن علينا أن نتخذ موقفا رسميا سريعا لوقف هذا الهدر في النعم، وإذاقة من يفعله طعم العقوبة الرادعة مثلما يذوق الفقير المحتاج طعم الألم وهو يرى هذا الإسراف والمبالغة المقيتة المستفزة.

لا شك أن غضب الخالق سبحانه وعقوبته أمر مخيف، لكن الأمر الآخر الخطير جدا هو أننا لم نعد لوحدنا نمارس ما نمارس من أخطاء وحماقات داخل أسوار مغلقة معزولة، نأمر بعضنا البعض بالمعروف وننهى عن مثل هذا المنكر ويقف الأمر داخل وسطنا الاجتماعي الخاص ويقبله من يقبله ويرفض النصيحة من يرفض، فقد تغيرت الأحوال بتحول عالمنا إلى قرية صغيرة جدا قد تنتشر فيها صورة ذلك الهدر العظيم خلال ثوان معدودة عبر (تويتر) و(فيسبوك) وخلال أجزاء من الثانية عبر (الواتساب)، ولهذا الانتشار ردود فعل خطيرة لا تخص مرتكب تلك الحماقة وحده بل يحكم من خلالها على مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا ووعينا وديننا ويدفع الثمن وطننا ويحرجنا مع العالم أجمع أيما إحراج.


نعم لا يوازي رضا الرب علينا رضا، ولا يقارن غضبه وسخطه بأي غضب، لكننا أيضا سنعرض بذلك السلوك المشين وطننا ومواطنيه لتهكم الشعوب الواعية وسخط الأفواه الجائعة وسيهدم ذلك الأحمق خلال ثوان معدودة (زمن تحميل صورة في جوال) ما بنيناه بجهد سنوات في رسم صورة رائعة لوطننا تمثل حقيقته وخلق غالبية شعبه وتمسكهم بتعاليم دين حنيف تبذل الدولة أموالا طائلة لنشره والدعوة له ثم يأتي أرعن فيشعر العالم أن ثمة تناقضا يقلل المصداقية ويشكك في الالتزام.

لابد أن نقتنع وطنيا أن المسرف المبذر لا يسيء لنفسه فقط وليس حرا في العبث بالنعمة بما يسيء للوطن ويشوه صورة المواطن، حتى لو كان يعبث بحر ماله، أما من يعبث ومن مال عام أو من راع رسمي فحسابه يجب أن يكون أشد عسرا من العسير.