-A +A
محمد أحمد الحساني
أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية قراراً يُمنع بموجبه إعطاء تصاريح بناء للعقارات الواقعة في مناطق غير مخططة - أي ضمن مخططات معتمدة- وحيث إن القرار جاء شاملاً فإن العديد من أبناء مكة المكرمة وغيرهم من أبناء المدن والمحافظات الأخرى الذين لديهم عقارات في الأحياء المكية لاسيما المجاورة أو القريبة من المسجد الحرام مثل أحياء المسفلة وأجياد وجرول والحجون وغيرها، فهموا أن أمانة العاصمة المقدسة لن تمنحهم تصاريح بناء لإنشاء أبراج على ما يملكونه من أراضٍ أو هدم وإزالة عقارات قديمة لإنشاء مبانٍ جديدة عليها.

وحيث إن سعر المتر المربع في المناطق المحيطة بالحرم المكي الشريف يبلغ عشرات الآلاف ويصل في بعض المواقع إلى مئات الآلاف فإن وقف تصاريح البناء سوف يجمد عشرات المليارات في مواقع لن يستفيد منها ملاكها، لأن مكة القديمة وإن كانت تطبق على شوارعها خطوط التنظيم وعلى مبانيها اشتراطات فنية صادرة عن الوزارة إلا أنها لا تقع ضمن مُخطط هيكلي عام معتمد، وعليه فإن خطوة من هذا النوع سوف تؤدي لتجميد البناء في أم القرى وسوف تؤثر على مستوى استيعاب المباني الموجودة حالياً لأعداد الحجاج المرشحة للتزايد عاماً بعد عام حسب رؤية 2030، خاصة إذا ما استغرقت عملية التوقيف سنوات طويلة وتأخر وضع وتنفيذ مخطط عام لأم القرى، وقد سبق لأمانة العاصمة المقدسة أن أوقفت قبل عدة عقود منح تصاريح إنشاء لأحياء الشامية وشعب عامر والقرارة بحجة إعادة تخطيط تلك الأحياء التي كانت مٌجاورة للمسجد الحرام، ولكن مضت 30 عاماً دون أن يعاد التخطيط، ثم سمح للملاك بالبناء فبنوا واستفادوا من عقاراتهم بعد طول حرمان، فإذا كانت عملية التوقيف متزامنة مع إعادة تأهيل وتخطيط جميع أحياء مكة المكرمة التي لا تقع ضمن مخططات معتمدة، سوف تنفذ في عام أو عامين فلا بأس من هذه الخطوة، أما إن كان التوقيف سوف يستمر لسنوات طويلة فإن ضرره أكبر من نفعه إن كان له نفع !، ولذلك فإن من المصلحة استمرار إعطاء تصاريح بناء للعقارات الموجودة في الأحياء المكية لاسيما المشتراة بعشرات الملايين نظراً لموقعها التجاري القريب من الحرم، ولا بأس أن يتزامن ذلك مع تنفيذ خطة فنية بارعة لاعتماد مخطط هيكلي عام للعاصمة المقدسة وذلك هو المتوقع من الهيئة الملكية التي تكونت مؤخراً برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع العلم أن العديد من رجال الأعمال والمستثمرين تقدموا خطوات لتنفيذ وإعادة تأهيل بعض المناطق العشوائية المجاورة للمسجد الحرام واشتروا من الملاك الأصليين عقارات بعدة مليارات لمساحة تصل إلى مليون متر مربع وبأثمان تزيد في معظمها على الأثمان التي قدرتها لجنة التقدير التابعة لأمانة العاصمة المقدسة كما حصل لمشروع تطوير الكدوة من حي المسفلة، وتم وضع المخططات ونماذج البناء والشوارع والخدمات، ولكن سنوات مضت ومازال المشروع في أخذ ورد وتجاذب بين أصحابه من جهة وكل من الأمانة وشركة البلد الأمين وهيئة التطوير من جهة أخرى، فإذا كان هذا التعامل مع مجموعة جاهزة مادياً وفنياً لتنفيذ مشروع حيوي يزيل مناطق عشوائية كئيبة ويحولها إلى منطقة سكنية راقية فهل سيؤدي توقيف تصاريح البناء وحده إلى أي تطوير أو تجميل أو إعادة تأهيل؟


* كاتب سعودي