-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
ما أعظم قيمة العدل ومبادئه وقيمه، وقد جعله الحق تبارك وتعالى - وهو الحكم العدل - أساسا لاستقرار الحياة للفرد والأسرة والمجتمع، وهنا تتجلى رسالة القضاء وأجهزة العدالة وعظيم المسؤولية في إحقاق الحقوق ورد المظالم لأهلها، والعدالة الناجزة في تطبيق هذه المقاصد خاصة في عصر المدنية الحديثة التي تبدلت معها أمور كثيرة وتشابكت مع كل تطور اجتماعي واقتصادي، وتحتاج استقامتها إلى قيم وروح العدالة ليس فقط من القائمين عليها، إنما قبل ذلك بين الناس ثقافة وممارسة والتزاما.

حقيقة وبصدق الإنصاف، شهدت وزارة العدل وتشهد خطوات نوعية لتحديث أجهزتها وتعزيز إمكاناتها حرصا على ضمان العدالة التي يؤكد عليها ولاة الأمر حفظهم الله، وقد أنجزت الوزارة مراحل متقدمة للغاية لمواكبة المستجدات والتشريعات وتوظيف التطور التقني، وإيجاد المحاكم المتخصصة ودعمها بالقضاة وكتابات العدل.. وبالتوازي مع ذلك نشهد تطورا نوعيا في كافة الأجهزة المعنية لتحقيق الأمن والعدالة إن كان من النيابة العامة والأجهزة الشرطية التنفيذية، والتكامل الدقيق بينها لتعزيز منظومة الأمن والعدل في وطننا العزيز.


منذ أن وجه معالي الوزير الشيخ الدكتور وليد الصمعاني بتشكيل اللجنة العليا بالوزارة للتحول الرقمي، والإنجازات تتحقق في الخدمات العدلية لصالح المستفيدين، وليس آخرها تفعيل خاصية إشعار المرأة عند صدور صك طلاقها من المحكمة عبر الرسائل النصية للهاتف الجوال الموثق لدى مركز المعلومات الوطني. ونذكر عندما كانت المحاكم في الماضي تبلغ النساء ورقيا بصكوك طلاقهن على عنوانها في نفس المدينة أو خارجها، فكانت معاناة لا حصر لها ووقتا طويلا للأطراف المتقاضية، خاصة إذا كانت المرأة أحدها. واليوم أصبحت الخدمات العدلية فورية بتطويع التقنيات والتطبيقات الحديثة التي اختصرت الزمن والمسافات مع تطبيق (محكمة بلا ورق) ومضاعفة إنجاز القضايا وصدور الأحكام.

اجتماعيا ما أكثر قضايا المرأة ومتاعبها عندما يظن البعض أنها الطرف الأضعف وتحديدا في المشكلات الأسرية وقضايا الأحوال الشخصية في حالات الطلاق، خاصة إذا كان بينهم أبناء، وقد راعت التشريعات العدلية كل ذلك من خلال خطط التطوير بشأن الأم الحاضنة على سبيل المثال لإنصافها وحق ولاية المرأة على المحضون، والأنظمة الأخرى التي منحتها حق مراجعة الجهات الرسمية، ليس هذا فقط بل شمل التطوير تولي المرأة أمورها بنفسها دون معرف وشهود في الدوائر القضائية وغيرها، بل توظيف متخصصات ومؤهلات في قطاعات بالوزارة وكذلك اعتماد محاميات.

بقي أمر أساسي يتعلق بالأفراد والمجتمع من حيث ثقافة الحقوق وقيم العدل التي هي في ذمة الإنسان وخلقه أولا، فما أصعب الحياة عندما تغيب قيم التراحم والعدل في سلوك البعض الذين يتمادون في ظلم الآخرين من زوجة وأبناء وأصحاب حقوق، وعندما يستهين هؤلاء بمعصية الله ومخالفة الأنظمة ويرون أنفسهم فوق الحقوق، ظالما لزوجة وأطفال ومماطلة في نفقة ورعاية، وحقوق، ويكفي أن نحو نصف القضايا تتعلق بالأحوال الشخصية، والحمد لله حسمت التشريعات والعدالة ذلك، رفعا للظلم وإحقاقا للعدل.

لو توخى كل إنسان مكابر قيم ومعاني العدل وحافظ على الحقوق والواجبات لتراجعت آلام الكثيرين، وما كثرت حالات الطلاق ونار الكراهية، بل تتراجع أشكال الجريمة بشكل عام، فتعظيم قيم الحق وروح الرحمة يسهم في الاستقرار والأمان النفسي والاجتماعي.

كل التحية للجهود المقدرة لوزارة العدل ولكافة الأجهزة القائمة على تحقيق مبادئه وأنظمته، وما أعظم رسالة الساهرين على الأمن والعدالة في بلادنا، أدام الله علينا نعمائه ظاهرة وباطنة.