-A +A
بشرى فيصل السباعي
صدق أو لا تصدق هناك أشخاص يتنقلون من طبيب إلى آخر طالبين أن يقوم الأطباء ببتر أطرافهم السليمة أو اقتلاع عيونهم وإصابتهم بالعمى، وعندما لا ينفذ الأطباء طلبهم هذا يقومون بمحاولة بتر أطرافهم بأنفسهم بوضعها على سكة قطار، أو بالمنشار الكهربائي، أو بإطلاق الرصاص المتفجر عليها، أو باستعمال الثلج الجاف ليضطر الأطباء لبتر الطرف الذي أتلفوا أنسجته، وإحداهن قامت بصب الفلاش داخل عينيها لإتلافها لكي تصبح عمياء.

وهؤلاء ليسوا مجانين فهم قد يكونون من حملة الشهادات العليا ولديهم وظائف مرموقة ومتزوجون ولهم حياة مستقرة، لكنهم مصابون بمرض عقلي نفسي من قبيل الوسواس القهري يسمى Body dysmorphic disorder«- متلازمة الإدراك المشوه للجسد» «Body integrity identity disorder - متلازمة سلامة الهوية الجسدية»، وهذا الخلل بإدراكهم لأجسادهم ناتج عن كون صورتهم الذهنية عن أنفسهم غير متوافقة مع صورتهم الواقعية، والتي يعتقدون بأنها مشوهة وخاطئة.


ومن فروع هذه المتلازمة اضطراب الهوية الجنسية الذي لا يكون له سبب بيولوجي، ومنها تنحيف الجسد لدرجة الوصول لحافة الموت من شدة النحافة، ومن فروع هذه المتلازمة ما يطالعنا به الإعلام ومواقع الإنترنت يوميا من صور صادمة لأناس من الجنسين أجروا عمليات تجميلية متعددة شوهتهم بشكل خطير أفقدهم وظائف حواس الوجه؛ مثل فقدان القدرة على التذوق والشم والتنفس السليم من الأنف وحدوث ثقب وانهيار فيه يتطلب زراعة عظم، وفقد القدرة على إغماض العينين، وشلل دائم بالوجه، إضافة للإصابة بأمراض خطيرة بسبب الآثار الجانبية لحشوات الوجه والجسد، وشلل عام نتيجة «تسمم البوتكس»، والنظر لصورهم يثير الحنق تجاه الأطباء الذين تابعوا إجراء العمليات التي توصف ظلما وعدوانا بـ«تجميلية»، بينما نتيجتها «تقبيحية»، فهؤلاء مصابون بذات المرض الذي يجعل صاحبه يريد بتر أطرافه السليمة، فإدراكهم المشوه يجعلهم يتابعون طلب عمليات بلا نهاية، وكان يجب أن يرفض الأطباء متابعة إجراء عمليات التجميل لهم.

ومؤسف استغلال أطباء تجميل للمصابين بهذا المرض بإجراء عمليات تجميل مجانية لمشاهيرهم بمواقع التواصل مقابل قيامهم بالدعاية، وأشهرهن تشوهن وتوفين بمضاعفاتها، وإن لم يردع هؤلاء الأطباء قَسَمُ الأمانة الطبية، فيجب أن تتدخل السلطات لحماية المصابين بهذا المرض العقلي النفسي من استغلال أطباء التجميل لمرضهم، وهذا المرض له علاج بالطب النفسي مكون من عقاقير تزيد من إفراز هرمون السعادة السيروتونين، بالإضافة للمعالجة المعرفية السلوكية، ولهذا يفترض إلزام أطباء التجميل وأطباء الجلدية بإخضاع المراجع لكشف نفسي، إن طلب عمليات تجميلية ومعالجات جلدية جذرية غير مبررة.

* كاتبة سعودية