-A +A
عبده خال
نحن أغلى بلد تسجل طفرة شرائية غير مسبوقة، ومن لا يصدق فعليه فاتورة للأوضاع التي نعيشها:

فقد ظهر في أسواقنا أغلى خروف يمكن له أن يباع في أسواق العالم؛ إذ بلغ مئة ومئتي ألف..


وظهرت الناقة التي يصل سعرها إلى مليون وثلاثة ملايين ريال..

وفي جانب آخر فقد بيع رقم تلفون أو جوال بمبالغ تجاوزت المعقول، وكذلك بيعت أرقام لوحات سيارات بمبالغ تجاوزت قيمتها ثمن سيارة في بعض الدول، هذا التصرف ظل معلقا لا يطاله شيء سوى السخرية مما يحدث حتى استحضرنا المثل القائل: (اللي عنده قرش محيره يشتري حمام ويطيره).

وهناك من لديه قروش أسرف في تبذيرها حتى ظهر لنا من يقيم الوليمة الواحدة لشخص ما يكفي لإطعام حي كامل، وهناك من سكب دهن العود على أيدي جمهور ملعب لضيوف وليمته بدل الصابون.. كثير هي السلوكيات التي نمت من غير أن تجد رادعا لتمادي ذلك السفه، وعلينا من الآن ألا نتغاضى بأن الإسراف والتبذير بلغا مداهما حتى أصبحا نذير شؤم..

وقد بدأت المقال بأننا أغلى بلد قاصدا به المغالاة التي لم تكن موجودة عبر التاريخ حتى غدت غير مقبولة وهي تصاعد أثمان الدية؛ إذ بلغت حدودا من اللامنطقية نشأ عنه تجار الدم وهي ظاهرة من يجمعون الأموال لاستيفاء مبلغ الدية المطلوب، وهي مبالغ وصلت لعنان السماء؛ إذ تصل بعض الديات إلى 20 و30 مليونا..

حتى ظن من هو مثلي أمنية أن يقتل مقابل دية تصل إلى 10 أو 20 مليونا، وهذا المبلغ خير أن تتركه لورثتك فتلك الملايين سوف ينعم بها أولادك بدلا من بقاء دمائك في عروقك حيا لتعكر بها نفسك ونفس من هم حولك.

ولأن أمر الدية به سفه ومغالاة فقد صدر أمر سام للحد من هذا التصرف، ومع ذلك ما زال حراج بيع الدم المسفوك منتشرا عبر كل جزء من البلد، وبالأمس صدر قرار أن أمير منطقة عسير طالب بتفعيل القرار السامي بأن لا تتجاوز الدية مبلغ 500 ألف ريال، وأعتقد أن على كل أمير منطقة الوقوف على هذا الأمر لمنع متاجرة الدم التي أصبحت وصمة لتثبيت ما لا يعقل.