-A +A
عبده خال
مرت بالبلاد عدة طفرات مالية مهولة، وقد كانت طفرة السبعينات هي الفاتحة التي قادت التنمية إلى أفق غير مسبوق، فحدثت نهضة عمرانية وصحية وتعليمية، وارتفعت دخول المواطنين ونشط الجانب العقاري وانتشرت الجامعات والكليات وتم إرساء البنى التحتية، أي أن البلد دخلت في تنمية نشطة مكنتها من الإنفاق الجزل في كثير من الجوانب المتعلقة بالحياة المادية..

في تلك الانشغالات في رفع مستويات متعددة كان يلام على طفرة السبعينات أنها تنبهت لكل شيء بينما لم تتنبه لبناء الإنسان لكي يتوازى مع كل المنجزات التي حدثت.. فخسرنا كثيرا بذلك الإهمال، وظلت هذه النقطة في محل غض الطرف كون الاقتصاد ارتبط بالنفط، وكلما زادت أسعارها حدث تقاعس في خلق تنوع اقتصادي، حتى أن الأموال المهولة التي كانت تنفق على وزارة الصناعة لم يكن المردود يتوازى مع تلك الميزانيات، ولأن الطاقة البشرية مصدر رئيس في أي تنمية لم يتم التنبه لها إلا مؤخرا، ولكي لا نتباكى كما حدث مع طفرة السبعينات (وهو التباكي على عدم بناء الإنسان)، فإننا الآن ونحن نتجه للمستقبل يجب أن نتلافى خطأ السبعينات، وهو العنصر البشري، وإعداد هذا العنصر ليس فقط لأن يكون مهنيا أو حرفيا وحسب، بل بناؤه معرفيا لكي يستوعب معطى الأشياء ويعرف كيف يمكن المحافظة على ما تم إنجازه ويسعى إلى التقدم المعرفي، فلا يمكن لأي طاقة بشرية أن تتطور في ظل رقة حال المعرفة، واعتمادها على مصادر الثروة الطبيعة.. الآن لا بد من التوجه للطاقة البشرية وإعدادها إعدادا متقدما، فإن تم تأسيس الجامعات وتوفير كل المستلزمات لكي تقدم للمجتمع كفاءات بشرية فلا بد أن تكون هذه الكفاءات مسلحة بالمعارف التي تمكنها من التقدم، أما إذا ظلت الجامعات تخرج كما من غير الاهتمام بالنوعية فسوف نعيد البكاء كما حدث مع طفرة السبعينات.