-A +A
سعيد السريحي
الأكاديمية التي تعرضت لتحرش أحد الشباب خلال قيادتها لسيارتها تنازلت عن حقها الخاص، كما جاء في التقرير الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس، وذلك التنازل كرم منها، وقالت إنها تنازلت رأفة به وتقديرا لأخيه الذي كان يرافقه خلال التحقيق، والذي اعتذر منها خلال التحقيق وسألها الصفح عن أخيه وكذلك شفقة على والدي ذلك الشاب المتحرش، وهذا كله نبل يدل على ما تتمتع به تلك الأكاديمية من خلق نبيل وشعور إنساني.

غير أن ذلك كله لا يحول دون أن تأخذ القضية منعطفا آخر حين يشير التقرير المنشور إلى أن ذلك المتحرش تم إطلاق سراحه بعد تنازل الأكاديمية عنه، فإذا كان تنازلها لا يتجاوز أن يكون تنازلا عن حق خاص، فإن التحرش جريمة ترتكب ضد المجتمع وضد النظام لا يسقط فيها الحق العام بتنازل صاحب الحق عن حقه.


الحق العام هو حق للمجتمع كله وحق للنظام كذلك، وهو حق نظامي لا ينبغي أن تؤثر في تطبيقه الجوانب الإنسانية من مراعاة لاعتذار الأخ الأكبر أو شفقة على الأبوين ما دام من قام بذلك التحرش رجلا راشدا مكلفا أقدم على ما أقدم عليه وهو يدرك العقوبة التي تترتب على ذلك، وإذا لم يكن يدرك العقوبة النظامية فهو يعرف دون شك مقدار العيب الاجتماعي الذي يرتكبه من يتعرض للنساء بمثل ما تعرض به لتلك الأكاديمية التي تحرش بها.

وأخيرا فإن علينا أن ندرك أننا في أولى مراحل تطبيق نظام التحرش وفي بدايات تجربة قيادة النساء للسيارات، وأن التسامح والتساهل والمراعاة لهذا الظرف أو تلك الحالة والشفقة على هذا المتحرش أو ذاك، ومن ثم «إطلاق سراح المتحرش فور توقيع صاحبة الحق على التنازل» كما حدث مع تلك الأكاديمية، كل ذلك من شأنه أن يحد من قوة وقيمة نظام التحرش وفاعليته في حماية النساء من تحرش المتحرشين وحماية المجتمع ممن لم يحسن آباؤهم تربيتهم.