-A +A
عبدالله عمر خياط
.. ظهر مقطع على الوثاب (الواتساب) يصور رجلا في كيب تاون، أجمل مدن جنوب أفريقيا، يحمل زمزمية لتعبئتها ماء، بعد وصول مدينة الكيب إلى مستوى الصفر في المياه الصالحة للشرب.

وفي المقطع رجل آخر يدفعه ثم يلوي ذراعه حول رقبته حتى يكاد يخنقه، ومع الصور يقول صاحب الوثاب: إن المدن الكبرى في العالم تتعرض للجفاف الشديد حتى الموت، وقال إن الناس في كارثة كبرى في الكيب، إذ لا يجدون ما يشربونه، وقال: إن المدينة القادمة هي ساو باولو في البرازيل ثم لوس أنجليس في الولايات المتحدة الأمريكية، أما صاحبة المركز الخامس في العطش فهي القاهرة. وحذر أن الدور قادم علينا إذا لم ننشط بحملة كبرى لترشيد استهلاك المياه.


وإني لأترحم على صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل رائد تحلية مياه البحر ورجل الاقتصاد الأول، الذي تنبه قبل 50 سنة إلى أننا بلد غير ذي زرع، وأن الصحراء تشكل ثلثي مملكتنا المترامية الأطراف فجاء بفكرة تحلية المياه المالحة.

لقد تخرج سموه عام 1963، وبدأ حياته العملية باحثاً في مؤسسة النقد العربي السعودي نائباً للمحافظ أنور علي، ثم تولى إنشاء وإدارة مكتب تحلية المياه في جدة التابع لوزارة الزراعة، وإليه يعود الفضل بعد الله في المبادرة وإنجاز مشاريع تحلية المياه في جميع مدن المملكة.

وقد اقترح على والده الملك فيصل - رحمهما الله - مشروع جلب جبل الجليد من القطب الجنوبي لتوفير المياه للمملكة، ولكن الملك فيصل قال له: «لو لم يذب الجليد في الطريق لذاب عند وصوله إلى موانئ المملكة».

فقام الأمير محمد بتكريس جهوده لإنشاء العديد من محطات التحلية على سواحل المملكة، وأذكر أنه دعا الصحفيين وكنت منهم عند حفلة افتتاح محطة تحلية المياه في مدينة الوجه شمال ساحل البحر الأحمر، وهناك كان الغداء ما بين لحم الجمل ولحم الخرفان ولحم الاستاكوزا الضخم الطري اللذيذ الذي صاده الأستاذ أسعد جمجوم في تلك الشعاب المرجانية البديعة. وكنا قبل مبادرات سمو الأمير محمد الفيصل نعتمد على مياه الكنداسة في جدة، ثم مياه وادي فاطمة، ولكنها ما كانت كافية.

وقد سررت كل السرور عندما قرأت في جريدة «مكة» في 21/‏‏10/‏‏1439هـ الموافق 5 يوليو 2018 عن توفير 150 ألف متر مكعب مياه محلاة يومياً عبر 5 بارجات في البحر الأحمر.

وهذه بلا شك امتداد للأعمال الرائدة للأمير محمد الفيصل رحمه الله، غير أن ذلك لا يلهينا عن تذكير مجتمعنا السعودي بترشيد المياه والحذر من الإسراف فيها.

السطر الأخير:

لا تسل عن حال أرباب الهوى

يا ابن ودي ما لهذا الحال شرحُ.

* كاتب سعودي

aokhayat@yahoo.com