-A +A
محمد أحمد الحساني
عندما سقطت بغداد تحت سنابك الجيش الأمريكي، قال مندوب العراق في الأمم المتحدة قولته المشهورة: «لقد انتهت اللعبة»، وكان واضحاً ما يعنيه الدبلوماسي العراقي لأن اللعبة بدأت بحرب الخليج الأولى بين العراق وإيران مروراً بغزو الكويت إلى أن تمت الإطاحة بنظام صدام بل الإطاحة بالعراق، وكان ذلك على حساب المكون السني فيه، وسيظل الأمر كذلك حتى إشعار آخر!

أما اللعبة السورية فقد بدأت منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي أوباما بأن على بشار أن يرحل، وقد التقط الشعب السوري المحكوم بالحديد والنار على مدى نصف قرن الإشارة السياسية الأمريكية، فاعتبرها فرصة للتخلص من نظام فاشي بغيض، فبدأ ثورته السلمية التي حولت عنوة إلى ثورة مسلحة بدسائس شارك فيها النظام الفاشي نفسه وشاركت فيها مخابرات إقليمية ودولية، وعندها لوى أوباما عنق «حماره» ومضى لا يلوي على شيء تاركاً الشعب السوري يواجه مصيره وحيداً، معطياً ضوءاً أخضر للروس للتدخل بقوة في القتال لصالح النظام السوري، فكان ذلك التدخل البشع الذي أدرك بشار قبيل سقوطه، فيما بدأ الغرب وعلى رأسهم واشنطن يعطون إشارات أخرى باستعدادهم لقبول بشار الجزار حاكماً لسورية لأن وجوده على رأس النظام امتداد لنظام والده حافظ الذي حافظ على هدوء الحدود السورية مع فلسطين المحتلة لعدة عقود لم تطلق خلالها رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل لتحرير الجولان المحتل، فهل تجد تل أبيب من يخدمها في سورية أكثر من بشار؟


ويبدو أن اللعبة السورية في مراحلها النهائية، فدول الغرب التي وعدت السوريين بالمن والسلوى أطلقت يد روسيا في سورية، ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها أصبحا يحاولان معالجة مآسي الجرائم التي يعيش تحت وطأتها الشعب السوري من تهجير وتدمير وتشريد وقتل وتجويع ولم يتجها لمعالجة أسباب المأساة، وليتهما أفلحا في معالجة الجوانب الإنسانية، فقد أثبتت المواقف عجز المنظمة الدولية عن إدخال علب حليب لأطفال جائعين في المدن والقرى السورية المحاصرة، ناهيك عن القدرة على وقف المجازر ومعاقبة الجزارين الذين تداعوا لمساندة النظام السوري المجرم، أما الأمة التي ينتسب إليها الشعب السوري فقد انطبق عليهم قول القائل:

ويُقضى الأمر حين تغيب تيم

ولا يستأذنون وهم شهود

ولله الأمر من قبل ومن بعد!

mohammed.ahmad568@gmail.com