-A +A
إبراهيم عقيلي
في بداياتنا الإعلامية سمعنا كثيرا من أساتذة كبار أن الصحافة هي السلطة الرابعة، وأن خبرا لا تتجاوز كلماته المائة قد يحرك الرأي العام، فكنا نشعر بهيبة الكلمة والحرف، ونقدر مسؤولية كل ما نكتبه، وأن لا يخرج من إطار القناعة حتى لو تحطمت مصالحنا الشخصية. فكلمتك لها هيبة ومقالك له وقع في نفوس القراء.

إلى أن داهمنا غول اسمه «تويتر»، ذلك الطائر الأزرق الذي قلب القاعدة رأسا على عقب، فأحال سلطة بعض الإعلاميين إلى «سلطة» (بفتح السين)، فلم تعد لأهمية الرأي مكانا، ولم تعد لرصانة الكلمة معنى، والكل يلهث وراء «رتويت» جهلاء تويتر.


وتتضاعف الظاهرة وتكون أكثر خطرا في الساحة الرياضية، فيتكاثرون عند مستنقع التعصب الرياضي، ووحل التشجيع، إلى أن قلبوا الآية فلم يعد الصحفي يحرك ساكنا في الرأي العام، بل أصبح الرأي العام هو من يقود أنصاف الإعلاميين.

فانهارت هيبة الكثير من الإعلاميين ورصانتهم من أجل كسب متابع جديد، وآخر يخر باسمه صريعا من أجل «رتويت»، فلا تعجب وأنت ترى زيادة في المتابعين وإعادة التغريد، وخسارة في المهنية ومكانة الصحافة.

حتى تحول تويتر إلى «ريموت كنترول» يحرك الإعلام الهزيل عن بعد، ويتراقص بالصحفيين الباحثين عن شهرة مواقع التواصل الاجتماعي.

والظاهرة تكبر ويزداد خطرها، عندما تصيب «أنفلونزا» الطائر الأزرق الوسائل الإعلامية الكبرى، فيصبح رأي السذج في تويتر محركا لها تترقبه كل يوم، وتجعله بوصلة لمحتواها اليومي، حينها نجزم بأن صاحبة الجلالة في مهب الريح، فالقابعون في تويتر والمغردون تحت أسماء وهمية وأصحاب الشتائم والسباب لا يستقيم لهم رأي ولا يعدون ممن نسمع لهم.

بل حتى إدارات الأندية باتت تضرب لتغريدات السباب ألف حساب، فتلغي صفقات وتصدر بيانات من أجل مغرد مجهول يتطاول على الكيانات والأسماء، فسوط المجهولين في تويتر لا يؤلم الكبار وأصحاب الرأي، ولا يحرك سوى أنصاف الإعلاميين، فالإعلام الحر الرصين لا يهمه «تويتر» ولا يلتفت لنهيق الجهلاء ومن يختبئون خلف أقنعة مزيفة، وقد يكون جاهلا واحدا خلف عشرين حسابا وهميا.

فأقول أخيرا.. زملائي الكرام احموا كرامة المهنة بوقف الهرولة خلف ضجيج تويتر، ودعونا نعيد الجلالة لصاحبتها.