-A +A
عبدالعزيز النهاري
** أزعم وقد أكون مخطئا، أن الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة، بما فيها الوزارتان المعنيتان بالتوظيف والتوطين، لم تعرف طوال السنوات السابقة «من أين تؤكل الكتف»، رغم أن المشكلة معروفة، والمتسببين في حدوثها معروفون، والحلول أيضا متوفرة، وأسباب نجاحها ممكنة ومتوفرة إذا كانت هناك جدية لدى أطراف القضية الثلاثة، وهم المواطن الباحث عن عمل حيث يجب أن يكون مؤهلا، ومتمكنا ولديه الرغبة في العمل والنجاح والإخلاص في أدائه، والجهات المسؤولة التي يجب أن تدرس المشكلة بشكل علمي، وتفرض سلطتها بقوة النظام في التوطين مستعينة بحجة قوية وهي تأهيل المواطن للعديد من المهن، ويأتي الطرف الثالث المتمثل في أرباب العمل الراغبين في حل مشكلة البطالة، من منطلق الوطنية ومساعدة مواطنيهم في أخذ فرصتهم للعمل، كما أخذها وتمتع بها العاملون من غير المواطنين، لكن ما نشهده ليس أكثر من تصريحات وتلميحات ووعود، مقابل إلحاح من طالبي العمل الذين تزداد أعدادهم مع مرور الشهور والسنين، رغم صدور قرار مجلس الوزراء قبل عدة شهور بـ «إنشاء وكالة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تُعنى بشؤون توظيف السعوديين في القطاع الخاص» وذلك بعد إلغاء «هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة» التي ربما لم تنجح في توليد الوظائف أو مكافحة البطالة اللهم إلا إذا استثنينا توجهها لسعودة محلات بيع الجوالات وصيانتها أو سعودة البقالات.

يوم الأربعاء الماضي نشرت «عكاظ» خبرا عن إطلاق محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد أول مشروع تدريبي للتوطين ينتهي بالتوظيف، وهو المشروع الرائد الذي سيحرك مياه البطالة الراكدة أمام وزارة العمل وفروعها المنتشرة في كل أرجاء الوطن، ولا شك أن هذه البادرة من محافظة جدة وتحمس سمو المحافظ لها ستشهد نجاحا كبيرا وفتحا لأبواب ظلت موصدة في وجه شبابنا من الجنسين، ستنجح هذه البادرة، لأنها درست بشكل متقن، حيث شخصت المشكلة، ووضعت الحلول العملية لها من أرض الواقع، بعيدا عن ضجيج التصريحات والوعود التي لم تقض على البطالة ولو بنسبة تعادل تحمس الجميع للقضاء عليها. أقول إن بادرة برنامج التدريب لتوطين الوظائف التي أطلقتها محافظة جدة ستنجح لأنه كما يقال «ليالي العيد تبان من عصاريها» حيث بدأ البرنامج بـ3611 فرصة عمل في 16 نشاطا، ويسعى إلى توفير خمسة آلاف فرصة عمل وأتوقع أن يتكلل السعي بالنجاح أكثر ليصل إلى أكثر من هذا العدد، طالما أن البرنامج قد بدأ متعاونا مع الشركات والمؤسسات الخاصة التي ستتولى تدريب أبنائنا وبناتنا على رأس العمل، بعد أن دخلوا طواعية ومن منطلق الوطنية في هذا البرنامج الذي أتمنى أن يتسع ليشمل آفاقا جديدة لتخصصات عديدة يطلبها سوق العمل ويُقضى بها على المشكلة بمثل هذه المبادرات.