-A +A
ماجد البريكان
بالأمس القريب، حقق ولاة الأمر ـ يحفظهم الله ـ للمرأة السعودية أحد أكبر أحلامها ومطالبها الملحة، التي ستفتح أمامها الأبواب المغلقة، لتعزيز مكانتها وإثبات قدراتها.

بالأمس القريب، جلست المرأة السعودية خلف مقود السيارة رسمياً، لتقود مركبتها بنفسها في الشوارع والميادين، وتذهب إلى مقر عملها أو الجامعة أو تؤمن احتياجات أسرتها.


بالأمس القريب.. فقدت المملكة لقبها الذي ظل ملازما لها لعقود من الزمن، بأنها الدولة الوحيدة في العالم، التي لا تقود فيها النساء السيارات.

حقّاً.. أمس كان يوماً تاريخياً في حياة المرأة السعودية، التي أثبتت بالأدلة والبراهين، أنها صاحبة عزيمة وإصرار على صنع المستحيلات، ولكن لا ينقصها سوى توظيف قدراتها وخبراتها في أن تكون رقماً مهماً في تحقيق متطلبات رؤية المملكة 2030، الساعية إلى الارتقاء بمسيرة نهضة الوطن، والانتقال به إلى مرحلة جديدة كليا، عنوانها الأبرز «الازدهار والتنمية في كل القطاعات»، حيث أدرك ولاة الأمر ـ يحفظهم الله ـ أن رحلة الازدهار تلك، لا يمكن أن تقام على كاهل «الرجل» بمفرده، وإنما لا بد من اكتمال المشهد الاجتماعي، برجاله ونسائه، الكل يعملون يداً بيد، من أجل رفعة شأن الوطن.

ولعلي هنا أؤمن بأن قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، هو بداية حقيقية ومشجعة للمرأة في بلادنا، في أن تصبح أكثر فاعلية وأكثر عطاءً وأكثر تفانياً في كل المهام الموكلة إليها، سواء كانت ربة منزل أو طالبة أو موظفة أو سيدة أعمال، فالقرار من وجهة نظري، ليس المقصود به أن تجلس المرأة خلف مقود السيارة، وتقود مركبتها عندما تكون الإشارة خضراء، وتتوقف عندما تكون الإشارة حمراء، وإنما هو قرار يدعم ويعزز الثقة أكثر في النساء، ويؤكد لهن أنهن عنصر فعال في قلب الأمة، وأن الوطن يحتاج إلى جهودهن بالدرجة نفسها، التي يحتاج فيها جهود الرجال، وهي وإن كانت مهمة صعبة، ولكن أؤمن تماماً بأن المرأة ستكون عند حسن الظن بها، وستحقق كل الطموحات والآمال المتعلقة عليها.

قيادة المرأة السعودية السيارة، ليس بالأمر الجديد كليا في مجتمعنا، خاصة إذا عرفنا أن المرأة تقود السيارة ببراعة وربما أفضل من بعض الرجال، وذلك في القرى والأماكن الريفية، ويجيء القرار ليسمح للمرأة بقيادة السيارة في المدن الكبيرة، برخصة رسمية وآليات قانونية، تتساوى فيها مع الرجال.

وأخيراً أؤكد أن ثمار القرار كثيرة وعظيمة، ولا يمكن حصرها، هذه الثمار سيقطفها المجتمع في غضون شهور قليلة من الآن، عندما تتخلص الأسر السعودية من ملايين السائقين الخاصين، الذين كانوا يستنزفون جزءاً كبيراً من دخل الأسر، فضلاً عن المحافظة على خصوصات النساء اللائي كن يجلسن ويتحدثن بالساعات أمام هؤلاء السائقين، وأغلبهم كان من شرق القارة الآسيوية، ورغم ذلك كانوا يفقهون العربية جيداً، يضاف إلى هذا وذاك، اعتماد المرأة السعودية عن نفسها، وهو ما يخفف المسؤوليات التي كانت ملقاة على كاهل الأب أو الزوج أو الأخ، في توصيل النساء إلى حيث يردن.